للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


الحنفية قالوا: من شهر على رجل سلاحاً ليلاً أو نهاراً، أو شهر عليه عصاً في المصر ليلاً، أو شهر عليه عصاً نهاراً في طريق غير المصر فتله المشهور عليه عمداً، وكان الشاهر عاقلاً مكلفاً، فلا شيء عليهن لقوله عليه الصلاة والسلام (من شهر على المسلمين سيفاً فقد أطل دمه) ولأنه يعد في نظر الشرع باغ، فتسقط عصمته ببغيه، ولأنه تعين طريقاً لدفع القتل عن نفسهن فجاز له قتله، لدفع الشر عن نفسه، وجعف الشر مباح أو واجب، ولأن السراح لا يلبث فيحتاج إلى دفعه بالقتل، والعصا الصغيرة، وإن كانت تلبث، وكن في الليل لا يلحقه الغوث، فيضطر إلى جفعه بالقتل، وكذلك في النهار في غير المصرن في طريق لا يلحقه الغوث، وفي الصحراء فإذا قتله كان دمه هدراً، ولا ضمان على قاتله.
وإن شهر المجنون على غيره سلاحاً فقتله المشهور عليه عمداً، فعليه الدية في مالهن لأنه قتل شخصاً معصوماً، أو أتلف مالاً معصوماً حقاً للمالك، وفعل الدابة لا يصلح مسقطاً وكذا فعلهما، وإن كانت عصمتهما حقهما لعدم اختيار صحيح، ولهذا لا يجب القصاص لتحقق الفعل منهما بخلاف البالغ العاقل، لأن له أختياراً صحيحاً، وإنما لا يجب القصاص مع القتل العمد بسلاح، لوجود المبيحن وهو دفع الشر عن نفسه، فتجب الجية حتى لا يهدر دم المسلم المعصوم.
ومن شهر على غيره سلاحاً في المصر، فضربه ثم قتله الآخر، فعلى القاتل القصاص لأنه ضربه فانصرف عنه، لأنه خرج من أن يكون محارباً بالانصراف، فعادت عصمته إليه، ومن دخل عليه غيره ليلاً، واخرج السرقة، فاتبعه صاحب الدار، وقتله ليخلص المتاع فلا شيء عليه، ودمه هدر، لقول صلى الله عليه وسلم: (قاتل دون مالك) ولأنه يباح له القتل دفاعاً للابتداء، فكذا استرداداً في الانتهاء، وذلك إذا كان لا يتمكن من استرداد ماله، إلا بالقتل.
ومن حفر بئراً في طريق المسلمين، أو وضع حجراً فتلف بذلك إنسان، فديته على عاقلته، وإن تلف به بهيمة، فضمانه في مالهن لأنه متعد فيه فيضمن ما يتولد منه، غير أن العاقلة تتحمل النفس دون المال، فكان ضمان البهيمة في ماله خاصة، وإلقاء التراب، واتخاذ الطين في الطريق بمنزلة إلقاء الحجر، والخشبة.
وإذا كنس الطريق أو رشها، فعطب احد بموضع كنسه أو رشه لا ضمان عليه، لأنه ليس بمتعد فإنه ما أحدث شيئاً فيه، وإنما قصد رفع الأذى عن الطريقن حتى لو جمع الكناسة في الطريق، وتعلق بها إنسان فإنه يضمن دينه، لتعديه بشغله الطريق بالكناسة.
ولو وضع حجراً، فنحاه غيره عن موضعه، فعطب به إنسان، فالضمان على لاذي نحاه، لأن حكم فعله قد انتسخ، والبالوعة يحفرها الرجل في الطريق، فإن امره السلطان بذلك، أو آخرجه عليه لم يضمن ما تلف به، لأنه غير متعد حيث فعل ذلك بأمر من له الولاية في حقوق العامة. وإن كان حفر

<<  <  ج: ص:  >  >>