سبب ذلك إلى كثرة تنقّله بين البلدان بعد بدئه الرحيل. غير أنّ الذي لا شكّ فيه أنه أخذ من كل فنّ طرفا، وجمع شتات العلوم المعروفة في عصره، ودمجها في نفسه، وبانت نتائجها في دميته من علم وذوق وشعر وأدب.
٣- تجواله العلمي
أحسّ الباخرزي أنّ العبء الذي صمّم على تحمّله في سبيل صياغة دميته، ينضوي تحت جهد جهيد، وتجوال بعيد الأرجاء ليصل إلى مبتغاه، ويحقّق الهدف الذي ينشده. ولكنّ كتب الأدب التي ضنّت علينا بالترجمة الضافية عن حياته ونشأته ضنّت أكثر في قضية هذه الرحلة العلميّة.
وعندما تقصّينا قضية الرحلة، نظرا إلى أهميّتها، من خلف السطور التي لفّها عن الشعراء، وفي أثناء مقابلاته لرواة مصنّفه، عرفناه أديبا جوّالا «١» لا يقلّ عن غيره من الأدباء الذين كانوا يرحلون في سبيل جمع نتاج من يقابلون.
وإذا ما جمعنا أسماء البلاد التي ذكر أنه زارها، أو قابل فيها فاضلا أو راويا، أو راجع في إحدى مكتباتها ديوانا، عرفنا أن عدد البلاد بلغ تسعة عشر بلدا بين قرية وعاصمة، هي: باخرز ونيسابور وزوزن وبوشنج وطوس ودهستان وجرجان وجوذقان وطبسان وسداسير والبصرة وبغداد وسرخس ومرو والري وخراسان واسترباذ وهرات واشكيذبان «٢» ، وكلها مذكورة في المصوّر. وهي، على كثرتها، أقلّ مما يتوقّع أن يكون قد زار، فقد يكون