للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكننا نلقاه أحيانا يتعدّى الإيجاز ليطيل الأسطر والصفحات إطنابا في ذكر طبيعة بعض البلدان، وذكر وصف هوائها وجمالها وعلمائها، أو كثرة أو حالها كحديثه عن «زوزن» و «بخارا» و «نيسابور» . وقد يعقد لمزاياها الفصول، ويستشهد على أقواله بالأشعار والأقوال. بل إنّه صرّح لنا أنه ألّف رسالة في «أحوال أو حال نيسابور» وسماها «غالية السكارى» ، أورد قطعة صغيرة منها في الدمية.

٧- نظام الملك والدمية

عرف نظام الملك في مدة وزارته كلها، والتي دامت ثلاثين سنة، أنه كان متعلّقا بأهل العلم والدين أشدّ التعلّق. وكان مجلسه عامرا بالفقهاء والصوفيين، كما كان كثير الانعام عليهم، لذا فاننا نجد «الدمية» التي كتبت في زمانه، زاخرة بالقصائد التي تشيد بفضله وعلمه ورعايته. ولم يكن نظام الملك نفسه بعيدا عن المجال الأدبي فقد كان في بادىء أمره كاتبا في الدواوين، وله محاولات شعرية ونثرية «١» .

برز الباخرزي في فترة التألّق الأدبي لعصر السلاجقة؛ عصر طغرلبك وألب أرسلان ونظام الملك. ولمس بنفسه عناية الأخير بالأدباء والعلماء، فذكر «٢» أنّ فضله هو الذي ساعد على كشف هؤلاء الأدباء. فما كان من الباخرزي، عندئذ، إلا أن ألّف الدمية وقدّمها إلى: «المجلس العاليى النظامي القوامي الرضوي، جاليا عليه حرة كريمة، وجالبا إليه درّة يتيمة.. ولو هبّ على هذه الخدمة من تلقاء الرأي العالي، زاده الله علوّا، رخاء الاقبال، عاش العبد في رخاء البال» «٣» . ولا نعلم ما إذا جنى الباخرزي ما تمنّى أولا. غير أننا على يقين من أن نظام الملك الذي لم يخيّب أمل أحد من الأدباء، لم يقصّر مع الباخرزي الذي كان تابعا له في الكتابات الديوانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>