للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعطيت يد باريها. ومازال في عيش أغنّ، حتى أنبض إليه الدهر وتر نبعه فأرنّ وأزلّ إلى الحضيض، وطأطأ بعد الطموح أشفار الجفن الغضيض. وأوهن رجله ثقل الأداهم وأدرد سنه عضّ الأباهم، وغيّب بعد مرميّا بقاصمة الظهر. ولم يدر ما فعلت به حوادث الدهر. وكان، رحمة الله عليه، يحبّ الفضل حبا جمّا.

ويأكل ماله أكلا لمّا» «١» .

ويهتمّ الباخرزي بأبي الحسن علي العمّاري مربّي أبنائه، فيفحصه لغويّا، ليعرف مقدرته وليطمئنّ بذلك على مستقبل أبنائه. وليس فحصه إياه مرة واحدة ف: «كم فحصته عن اللغة، فاذا هو أصمعيّها وخليلها، وعنده دقيقها وجليلها» «٢» .

وكم كان بودّنا أن نحظى بمؤلفاته الأخرى لنقارنها بالدمية، إلا أن الزمان جاز فلم يترك لنا شيئا. ومن أهم مؤلفاته المكتوبة نثرا عدا الدمية رسالة أسماها «غالية السكارى» ، أنشأها في أو حال نيسابور، وقد تحدّثنا عنها قبلا وقلنا إنه أورد بعضا منها في الجزء الثاني من الدمية، ولا بأس من الرجوع اليه «٣» .

وسيرى القارىء بعد المقارنة أنّ ما لمسناه في الدمية من سجع واستخدام للألفاظ القاسية نلحظه هنا أيضا على ضآلة ما بأيدينا من الأثر الآخر.

و اللغة الفارسية في الدمية:

أكثر أدباء هذه المرحلة في الشرق يعرفون الفارسية الى جانب معرفتهم للعربية، وهم الذين يسمون بالأدباء «ذوي اللسانين» .

ولا عجب في ذلك، فالغالبية العظمى من الذين سجّل الباخرزي لهم شعرهم ونثرهم هم من الفرس الذين يجيدون العربية. وقد نعثر على أدباء فرس لا يعرفون الفارسية لأنهم يحيون في أجواء عربية- كالعراق- أو في بلاد غير عربية كخراسان والسند وأصفهان، لأنّ محيطهم العام كان عربيا بحتا. ولما لم يكن شعرهم الفارسي المستشهد به بمستوى الشعر الفارسي في تلك المرحلة فقد ضاع

<<  <  ج: ص:  >  >>