للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنا إنه شاعر غزل يسحر ألباب الغانيات، بل يقول لك: هو كابن ربيعة، أو إذا كان مدّاحا شهيرا مدحه بأنه كحسان «١» .

وهذا يدلّنا، طبعا، على اطلاع واسع على ما حوت المكتبة النظامية بنيسابور أو دار العلم ببغداد أو المكتبات الخاصة لعدد من الفضلاء الذين زارهم وترجم لهم أو انتخب من مؤلفاتهم التي طالعها.

على أننا نجد الباخرزي أحيانا يستشهد ببعض الأشعار، دون أن يذكر لنا أصحابها ودون أن يلمح إليهم. فيعسر علينا كشفهم، ونحار، أهي من أشعار؟

أم من أشعار غيره؟ وقد يحدّثنا الزمان يوما عن قائلها بعد أن يكتشف ما عزّ كشفه من المخطوطات العربية. فاذا عرضنا بعض ثقافة الباخرزي، وأدركنا مقدرته الفنية في استخدامها، وأضفنا إلى ذلك علمه بالنقد الأدبي والبلاغي والنحوي أجمعنا، على أنه أديب وشاعر وناقد.. طالع علوم عصره وسكبها في كتاباته وترجماته وقدّمها لنا سائغة العرض، ليّنة السّواغ.

٥- مصادر الباخرزي

تيسّر للباخرزي في أثناء تجواله العلمي، أن يطّلع على كتب عفّى عليها الزمان، ودواوين فقدتها الأيام. وقد شاءت الأقدار أن تمنّ علينا بالباخرزي وأمثال الباخرزي، ليعرّفونا بالكتب والدواوين، وبالمكتبات العامرة في تلك الأيام، التي ضاع أغلبها الآن. واطّلاعه على المكتبات الكثيرة يدلنا على غزارة المفقود من شعرنا العربي وأدبه، وهو- كذلك- برهان على مدى ثقافته، وعلى سعيه الزائد لنشدان الدقّة في الجمع والتبويب.

ومن أهمّ الكتب التي كان اعتماد الباخرزي عليها، كتابان حويا نماذج من الشعر والشعراء لا تحصى، فيحدونا الأمر على أن نضعهما في مصاف كتب الأدب والتراجم الكبيرة، الأول هو «جونة الندّ» تأليف «يعقوب بن أحمد النيسابوري» ، والثاني هو «قلائد الشرف» تأليف «أبي عامر الفضل بن اسماعيل الجرجاني» ، وكلا المؤلفين من أوائل رواته المعتمدين بالاضافة إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>