للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقدموا كتبهم بمقدمة رصينة الأسلوب تنبىء عن مقدرتهم الأصيلة، ومعرفتهم لحوشيّ الكلام وتناسبه، وإحاطتهم بمعاجم الألفاظ والمعاني، وأمهات كتب الأدب والأغاني ومهارتهم برصف الكلام رصفا ينمّ على جدارتهم باستخدام فنون الصنعة والبيان، وهدفهم من وراء ذلك الادلال بوزنهم والإعلام عن فنّهم.

وإن كانت المعاني التي يعرضونها بسيطة لا تزيد عن الحمد والشكر، والأسباب التي دعتهم إلى هذا التأليف، أو إحساسهم بضرورة وجود مثل هذا الكتاب بين القرّاء والناشئة. غير أنهم سرعان ما يعزفون عن ذلك عندما ينتهون من التقديم، ويلجون لبّ الموضوع.

أما الباخرزي فقد كانت صنعته الأسلوبيّة طامية منذ أول سطر في المقدمة وحتى آخر جزء من الخلخال، مما اضطرّه إلى خوض متاهات المعاجم ليأتي باللفظة المناسبة للسجع أو الطباق، فأتى كلامه صعبا قاسيا أحيانا، ركيكا متهافتا أحيانا أخرى. ويكفي أن نورد قوله في أبي نصر البادغيسي ليكون ذلك صورة لها مثيلات في طيات الكتاب: «حتّى أسنّ، ورقّ جلده فاستشنّ، وصار كالكروان صكّ فاكبأنّ» . وقد يتعمّد إيراد اللفظ الوحشي ليبرز مقدرته اللغوية، فيزداد أسلوبه صعوبة، على الصعوبة التي تتطلّبها ألوان الصنعة «١» .

د- الصّور الفنيّة:

لا نريد أن نجحف بحق هذا الكاتب الذي شغل نفسه ردحا ثمينا من عمره في تأليفه هذا الكتاب، وننعت أسلوبه بالجمود وقلّة الرقّة، فهو كثير التفنّن في الصور التعبيرية أثناء تعريفه بالشعراء، حلو الكنايات والتعابير الجميلة التي تظهر للقارىء عنايته بالصياغة، وجهده في سبك نثره، بل هو لا يخرج في هذا وذاك عن منهج أستاذه الثعالبي ولا عن معاصريهما.

فاذا أراد أن يخبرنا أنّ أبا سعد بن دوست أصمّ قال إنه: «يسمع ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>