للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسمع؛ كالمسنّ يشحذ ولا يقطع» «١» . وإذا رغب في إعلامنا بأنّ أبا جعفر البحاثي شاعر هجّاء قال: «ولا تفارق مكواته النار» . وإن كان المجال لا يشفع له بنقل أشعار عبد القاهر الجرجاني قال: «وقد أمسكت العنان، وانصرفت عن الورد عطشان» ، أو أنه فقد شعر أحد الشاعرين اللذين يترجم لهما قال: «لكنّي فقدت إحدى العينين وحورها، وارتضيت الأخرى وحولها» .

غير أنّ الصورة الفنية لا تلقى عنده النجاح دوما، فقد يسفّ، فتأتي الصورة مشوّهة بعيدة عن الذوق، لا يرتضيها من يسمع غيرها، كقوله في أبي الحسن علي بن محمشاد، فبعد أن ختم فضلاء زوزن أحسّ أنه أنقص أبا الحسن هذا فقال: «علمت أني أخطأت في التقدير، ونسيت في المربط أفره الحمير.

وكل من الزّوازنة جواد في المضمار، إلا أنّ المثل ها هنا للحمار» «٢» .

وتستدعي الصور الفنيّة مبالغة في التعبير بالضرورة، كما استدعى البحث عن السجع والتوازن مبالغة في حوشي الكلام. وإذا عدنا إلى الصور الفنيّة التي أوردناها هنا لمسنا علائم المبالغة التي تؤخذ على منهج الباخرزي في التأليف.

هـ- أثر الاقتباس والتضمين:

نحن عندما نقرأ تعريفه لأحد الشعراء نشعر أننا أمام أديب ذي شخصية متمكنة مما تقول. يضاف إلى ذلك متانة أسلوبية وثقافة ناضجة تتبدّى من وراء ما يمرّ خلال كلامه- عرضا أو عمدا- آيات قرآنيّة «٣» وأحاديث نبوية وأخبار أدبية وأمثال عربية وألفاظ لا يستخدمها إلا من أوتي مقدرة واطلاعا. ويكفي أن نمعن الفكر في النص النثري التالي لنستشفّ من ورائه شخصيته وأسلوبه وثقافته الأدبيّة والدينية واللغوية:

«ولي صحابة ديوان الرسائل بغزنة.. فأجراها أحسن مجاريها، وقل في القوس

<<  <  ج: ص:  >  >>