للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضع الباخرزي مخططا منظّما لأهم المحطّات التي حطّ الرحال فيها، وذكر لنا أهمّ الأسماء التي قابلها في تلك البلاد «١» .

وبعد ذلك يعود فيذكر منتخبا آخر من الأسماء قابلها في تلك البلدان نفسها. وإذا قرنّا بين الأسماء التي قابلها علمنا أنه ذكر في البدء ذوي الشهرة، وفي الثانية من هم أقلّ مرتبة وانتاجا ومكانة.

وكنا في بعض الأحيان نراه يذكر لقاءه هؤلاء الأفاضل مشفوعا بالسنوات، وهذا فضل (على قلّته) يضيء لنا الكثير من الأمور المتعلقة بجولته هذه، ففي بغداد مثلا قابل ابن برهان النحوي سنة ٤٢٥ هـ، وفي نيسابور قابل أبا سعيد سنة ٤٦٦ هـ. كما قابل عبد الصمد الطبري في نيسابور سنة ٤٢٥ هـ. وقد يخبرنا أنه طالع في بعض هذه البلدان، غير الأفاضل والشعراء بعض الكتب، وزار المكتبات. وهذا يلقي ضوءا آخر مهما على طريقة بحثه ونقله واهتمامه.

حاولنا تصوير تجوال الباخرزي الطويل في هذه الصفحات القصار. وعلى الرغم من أنّ رحلته في الأصل كانت في سبيل جمع المعلومات ومقابلة الأعلام والشخصيات، فإنه يحسن أن نعلم أنّ التجوال يحتاج إلى كنز لا يزول. ولم يكن الباخرزي من تلك الأسر الغنية. لذلك نجده يتنقّل من بلد الى بلد آخر، ويشتغل فيه ليسدّ به رمقه، ويقيم أوده في خدمة بعض الأمراء، في الدواوين أو في المكتبات أو في نسخ بعض الكتب. وقد نجده يرحل في ركاب بعض الأمراء، ونظام الملك خاصة، فيستغلّ هذه الرحلة في سبيل جمعه المعلومات، وتدوينه المنظومات كقوله: «وطئت البصرة في جملة عميد الحضرة» «٢» .

٤- ملامح ثقافته

بعد أن استعرضنا نشأته العلميّة، وتعرّفنا على ركائز ثقافته في الصفات

<<  <  ج: ص:  >  >>