للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- مادّة التأليف:

والغالب على كتاب الدمية، بجزأيه، رواية الأشعار وبذلك صرّح في دميته. غير أنه يتوقّف أمام أدباء لهم شعر ولهم نثر. فنراه يستشهد بالفنّين كما فعل مع أبي الفضل محمد بن علي الكاتب. ونراه كذلك يطيل في بعض الأحيان النماذج النثرية لكتّاب اشتهروا بالنثر في عصره كعميد الملك الكندري وأبي الحسن العلوي، والسالار أبي المعالي العقيلي الكاتب، فقد أورد له عدة صفحات من نثره الحربي ووصف المعارك أو الأهبة لها أو «بروتوكولات» الجهاد. وتحسن الاشارة الى أن الشواهد النثرية تغزر في الجزء الثاني بينما تندر في الجزء الأول. إلا أنها- على أي حال- لا تعدّ أمام النصوص الشعرية، لأنّ رغبة الباخرزي كانت في الميل الى الشعر أكثر منه إلى النثر.

على أنه لا يروي لنا سائر شعر الشاعر، ولا كلّ قصيدته. بل إنه يقتطع من الأصل الذي طالعه أو يكتفي بجزء مما سمعه.. وذلك حسب تذوّقه أو حسب محبّته للشاعر. وكثيرا ما تعترضنا الكلمات والتراكيب: «ومنها» ، و «ومنها في المدح» ، و «لم أحفظ إلا مطلعها» ، و «وختم القصيدة بقوله» ، و «ومنها قوله» ، و «أولها» و «وأنشدوني له» .

وكثيرا ما يكتفي ببيت واحد، معتذرا عن ذلك بأسباب، منها: أنه لم يعلق بذهنه إلا هذا، أو أنه لم يسمع له شيئا. وقد يطيل في شعر أحدهم، فيعتذر الى القارىء، ويبرّر ذلك بصداقته أو بمحبّته له أو بمكانة صاحب النصوص. فقد قال في أحدهم: «وقد بالغت في تسويد البياض بشعره أكثر مما هو شرط الكتاب في مثله. ولكنني رأيت ذلك الفاضل يمتّ إليّ بالودّ الراسخ.. فدونت من أشعاره ما وجدت، وغرت في أقطار ذكره وأنجدت وما أحسبني أسأت إن لم أكن أجدت» «١» . وقد ينهي الحديث عن شاعر بذكر قطعة شعرية له تذكّره بقول شاعر آخر في معناها فيترجم للثاني، ويعرض

<<  <  ج: ص:  >  >>