عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوازن القشيرى أبو نصر إمام الأئمة، وخير الأمة، وبحر العلوم، وصدر القروم، قرة عين زين الإسلام، وثمرة فؤاده، وهو الأول بعد العصبة الدقاقية من أولاده، أشبههم به خلقا حتى كأنه شق منه شقا، فرباه أحسن تربية وزقه العربية في صباه زقا، حتى تخرّج به وبرع فيها، وكمل في النثر والنظم، فجاز فيها قصب السبق، وكان يبث السحر بأقلامه على الرّق، وكان إليه استملاء الحديث وقراءة الكتب عليه، لاستجماعه أنواع الفضل، امتد إلى مجلس امام الحرمين وواظب على درسه وصحبته ليلا ونهارا، حتى حصل طريقته في المذهب والخلاف، وجدد عليه الأصول، وكان الإمام يعتد به، ويستفرغ اكثر ايامه معه، مستفيدا منه بعض مسائل الحساب في الفرائض والدور والوصايا.
وخرج الى بغداد وحج وعاد الى بغداد وكان القبول غضا بل زائدا على ما كان من قبل.
وشمّر لتربية شغله أبو سعد الصوفي دوست داد عن ساق الجدّ، وبلغ الأمر في التعصّب مبلغا كاد أن يؤدي إلى الفتنة، وقل ما يخلوا مجلس من مجالسه على اسلام أحد من اهل الذمّة.
ثم حج ثانيا من قابل، ثم استدعاه نظام الملك الى خراسان فبقى أهل بغداد عطاشا اليه.
سمع الكثير عن الطبقة الثانية مثل الصابوني، وابن مسرور، والكنجروذي، وأبي الحسين، والبحيرية، والصاعدية، والناصحي، واكثر عن زين الاسلام، وعن الحرة الدقاقية، وقرأ تصانيف الإمام عليه مرارا، وسمع بالجبال والعراق والحجاز، وخرج الفوائد لأخيه، وروي الكثير، فقد كان اكثر صغوه في أيّامه إلى الرواية، سمع صحيح مسلم وغريب الخطّابي بتمامهما.
١٠٦٩ - العبر ج ٤ ص ٣٣، مرآة الجنان ٣/ ٩٣ و ٣/ ٢١٠، الوفيات ٣/ ٢٠٧، تبيين كذب المفترى/ ٣٠٨، البداية والنهاية ١٢/ ١٨٧، طبقات السبكى ٤/ ٢٤٩.