ولا تزال الحركة العملية في إيران قائمة ونشطة تمدّ الأمة في كل اللحظات الحسّاسة بما يكفل لها المزيد من العزّ والتقدّم والرقي فى طريق فهم الفكر القرآني وتطبيقه، ولم تخضع هذه الحركة طيلة تاريخها المجيد لأيّ إشراف واستغلال حكوميّ بل استمرّت بالارادة الشعبيّة المستقلّة والحرّة.
وانفردت إيران أيضا وكما سبق بانفلاتها ممّا أصيبت به سائر البلاد الاسلاميّة من غلق باب الاجتهاد وتحجير العقول وتدمير الحركة الفكريّة التى أنهت تلكم العصور الذهبية الرائعة للأمة في سائر بلاد المسلمين وجرّت بالمصائب والويلات على المسلمين، بل واصل ركب الحضارة الاسلامية في إيران سيره بشموخ واعتزاز ملبّيا كلّ المتطلبات الاجتماعيّة وفي أحلك الظروف معتمدا على رصيد شعبي واسع فارضا نفسه على الأوضاع السياسيّة والاجتماعية بصورة عامّة.
ومع أن هذه النهضة المباركة لم تحقّق كامل أهدافها في المراحل والمجالات المختلفة إلا أن ما حصل نسبيّا فى هذه المنطقة بالذات كان فريدا وقياسيّا بالنسبة لما حصل فى سائر البلاد الاسلاميّة، إذ لم يكن بوسع تلك الظروف تحمل أكثر من هذا، ذلك ان الحكم الاسلامي المثالي التام لا يمكن تحقيقه إلّا مع التثقيف الجماهيري الشامل الذي كان فيما مضى من المستحيل تحقيقه لا لفترة أو أمة معينة فحسب بل فى كل الخقب الماضيّة ولكل الأمم.
[الحركة العلمية وعصر الاستعمار]
وواصلت هذه النهضة الفكرية الاسلاميّة دورها الطليعي في المجتمع واستمرّت تؤتي أكلها كلّ حين وترشد الجماهير إلى مستقبلها الأفضل، حتّى جاء الاستعمار الغربي بجبروته ومكره محاولا القضاء على هذه الحركة العظمى التى تستمدّ جذورها من عمق الفكر القرآني كي يتسنى له تنفيذ أطماعه الشريرة وماربه التوسعيّة، فكان الردّ عنيفا وحاسما حيث تصدّت هذه