للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٨٤) ثم يدفع مع الإمام إلى مزدلفة على طريق المأزمين وعليه السكينة والوقار

(٨٥) ويكون ملبيًا ذاكرًا لله عز وجل

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

فيرفع يديه ويقول مثل ذلك، ولم يزل يفعل ذلك حتى أفاض. وسئل سفيان بن عيينة عن أفضل الدعاء يوم عرفة فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. فقيل له: هذا ثناء وليس بدعاء. فقال: أما سمعت قول الشاعر:

أأذكر حاجتي أم قد كفاني ... حياؤك إن شيمتك الحياء

إذا أثنى عليك المرء يومًا ... كفاه من تعرضه الثناء

وقوله: "إلى غروب الشمس" معناه أنه يجب عليه الوقوف إلى غروب الشمس ليجمع بين الليل والنهار في الوقوف بعرفة فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقف بعرفة حتى غربت الشمس. كذا في حديث جابر.

مسألة ٨٤: (ثم يدفع مع الإمام إلى مزدلفة على طريق المأزمين وعليه السكينة والوقار) وذلك أنه لا ينبغي للناس أن يدفعوا حتى يدفع الإمام وهو الوالي الذي إليه أمر الحاج من قبل الإمام، فالمستحب أن يقف حتى يدفع الإمام ثم يسير نحو المزدلفة على طريق المأزمين لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سلكه، وإن سلك الطريق الآخر جاز، ويكون عليه سكينة ووقار «لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين دفع وقد شنق القصواء بالزمام حتى إن رأسها ليصيب موركة رحله ويقول بيده اليمنى: أيها الناس السكينة السكينة» ذكره في حديث جابر. «وروى ابن عباس أنه دفع مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم عرفة فسمع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وراءه زجرًا شديدًا وضربًا للإبل، فأشار بسوطه إليهم وقال: "أيها الناس عليكم السكينة فإن البر ليس بإيضاع الإبل» رواه البخاري، «وقال عروة: سئل أسامة وأنا جالس كيف كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يسير في حجة الوداع؟ قال: "كان يسير العنق فإذا وجد فجوة نص» . قال هشام بن عروة: والنص فوق العنق. متفق عليه.

مسألة ٨٥: (ويكون ملبيًا ذاكرًا لله عز وجل) فإن ذكره مستحب في جميع الأوقات وهو في هذا الوقت آكد، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} [البقرة: ١٩٨]

<<  <   >  >>