(٨٦) فإذا وصل إلى مزدلفة صلى بها المغرب والعشاء قبل حط الرحال يجمع بينهما
(٨٧) ثم يبيت بها
ــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
ولأنه زمن الاستشعار بطاعة الله تعالى والتلبس بعبادته والسعي إلى شعائره، فيستحب الإكثار فيه من ذكره، ويستحب التلبية لما روى الفضل بن عباس:«أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة» متفق عليه، وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: شهدت ابن مسعود يوم عرفة يلبي، فقال له رجل كلمة، فسمعته زاد في التلبية شيئًا لم أسمعه قبل ذلك:"لبيك عدد التراب".
مسألة ٨٦:(فإذا وصل إلى مزدلفة صلى بها المغرب والعشاء قبل حط الرحال يجمع بينهما) السنة لمن دفع من عرفة أن لا يصلي المغرب حتى يصل إلى مزدلفة، فيجمع بين المغرب والعشاء قبل حط الرحال. قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم لا اختلاف بينهم أن السنة أن يجمع الحاج بجمع بين المغرب والعشاء، والأصل في ذلك أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جمع بينهما، رواه جابر وابن عمر وأسامة وغيرهم في أحاديث صحاح، ويكون ذلك قبل حط الرحال، لما روى مسلم عن أسامة بن زيد، أن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أقام المغرب ثم أناخ الناس في منازلهم ولم يحلوا حتى أقام عشاء الآخرة فصلوا ثم حلوا» .
مسألة ٨٧:(ثم يبيت بها) والمبيت بمزدلفة واجب، من تركه فعليه دم، وقال بعضهم: من فاته جمع فاته الحج لقوله سبحانه: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ}[البقرة: ١٩٨] ولنا قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الحج عرفة، فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع فقد تم حجه»[رواه ابن ماجه] يعني من جاء من عرفة، وما احتجوا به من الآية فإن المنطوق فيها ليس بركن إجماعًا، فإنه لو بات بجمع ولم يذكر الله تعالى صح حجه بغير خلاف، فيحمل ذلك على مجرد الإيجاب أو الفضيلة والاستحباب.