(١٠٦) فإن أحب أن يتعجل في يومين خرج قبل الغروب، فإن غربت الشمس وهو بمنى لزمه المبيت بمنى والرمي من غد
ــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
" وأصلح - أو أتم - لنا مناسكنا " وقال ابن المنذر: كان ابن عمر وابن مسعود يقولان عند الرمي: "اللهم اجعله حجًا مبرورًا، وذنبًا مغفورًا". وكان ابن عمر وابن عباس يرفعان أيديهما في الدعاء إذا رميا الجمرة ويطيلان الوقوف. وروى الأثرم قال: كان ابن عمر يقوم عند الجمرتين مقدار ما يقرأ الرجل سورة البقرة. ويكون الرمي بعد الزوال لما سبق. وقال جابر: «رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرمي الجمرة ضحى يوم النحر، ورمى بعد ذلك بعد زوال الشمس" أخرجه مسلم، وقد قال: "خذوا عني مناسككم» .
مسألة ١٠٥:(ثم يرمي في اليوم الثاني كذلك) يعني في وقته وصفته وهيئته، لا نعلم في ذلك خلافًا غير ما روي عن إسحاق.
مسألة ١٠٦:(وإن أحب أن يتعجل في يومين خرج قبل المغرب، وإن غربت الشمس وهو بمنى لزمه المبيت بها والرمي من غد) أجمع أهل العلم أن لمن أراد الخروج من منى شاخصًا عن الحرم غير مقيم بمكة أو ينفر بعد الزوال في اليوم الثاني من أيام التشريق إذا رمى فيه، فأما إن أحب أن يقيم بمكة فقد قال أحمد: لا يعجبني لمن نفر النفر الأول أن يقيم بمكة. وكان مالك يقول: من كان له عذر من أهل مكة فله أن يتعجل في يومين، وإن أراد التخفيف عن نفسه من أمر الحج فلا، ويحتج من يذهب إلى هذا بقول عمر: من شاء من الناس كلهم أن ينفر في النفر الأول، إلا آل خزيمة فلا ينفروا إلا في النفر الآخر. قال ابن المنذر: جعل أحمد وإسحاق معنى قول عمر: "إلا آل خزيمة " أي أنهم أهل حزم. وظاهر المذهب جواز النفر في النفر الأول لكل أحد، وهو مقتضى كلام الخرقي وعامة العلماء، لعموم قوله سبحانه:{فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى}[البقرة: ٢٠٣] . قال عطاء: هي للناس عامة. وروى أبو داود، وابن ماجه، عن يحيى بن عمران أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«أيام منى ثلاثة، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى» . قال ابن عيينة: هذا أجود حديث رواه سفيان،