بثمنها، أو عرض عليه سلعة أخرى حسب ما ذكره، فهذا غير جائز، لنهي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنه، لما فيه من الإضرار بالمسلم والإفساد عليه، فيكون حرامًا. فإن خالف وعقد البيع فالبيع باطل لأنه نهى عنه والنهي يقتضي فساد المنهي عنه.
مسألة ١٢:(ونهى أن يبيع حاضر لباد) والبادي هاهنا هو من يدخل البلدة من غير أهلها سواء كان بدويًا أو من قرية أو بلدة أخرى. قال ابن عباس:«نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن تتلقى الركبان، وأن يبيع حاضر لباد"، قال: فقلت لابن عباس: ما قوله حاضر لباد؟ قال: لا يكون له سمسارًا» . متفق عليه. وروى مسلم عن جابر قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض» ، والمعنى في ذلك أنه متى ترك البدوي يبيع سلعته اشتراها الناس برخص وتوسع عليهم السعر، فإذا تولى الحاضر بيعها وامتنع أن يبيعها إلا بسعر البلد ضاق على أهل البلد فيضر بهم، فنهى عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وعنه يصح، وأن النهي اختص بأول الإسلام لما عليهم من الضيق في ذلك، والأول المذهب لعموم النهي، وما ثبت في حق الصحابة ثبت في حقنا ما لم يقم على اختصاصهم به دليل.
١ -
فصل: ويشترط لعدم الصحة خمسة شروط: أن يحضر البدوي لبيع سلعته بسعر يومها جاهلًا سعرها ويقصدها الحاضر وبالناس حاجة إليها، وإنما اشترط ذلك لأن النهي معلل بالضرر الحاصل من الضيق على أهل المصر وإغلاء أسعارهم، ولهذا قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض» ولا يحصل الضرر إلا باجتماع الشروط الخمسة:
أحدها: أن يحضر البادي لبيع سلعته، فأما إن جاء بها ليأكلها أو يخزنها أو يهديها فليس في بيع الحاضر له تضييق بل فيه توسعة.
الثاني: أن يحضر ليبيعها بسعر يومها، فأما إن أحضرها وفي نفسه أن لا يبيعها رخيصة فليس في بيعه له تضييق.
الثالث: أن يقصده الحاضر، فإن كان هو القاصد للحاضر جاز لأن التضييق حصل منه لا من الحاضر فأشبه ما لو امتنع هو من بيعها إلا بسعر غال.