(١٨) ولا يجوز بيع مكيل من ذلك بشيء من جنسه وزنا ولا موزون كيلا
ــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
جائز إذا تساويا في الكيل، ولو كانت العلة في الطعم لجرى الربا في الماء لكونه مطعومًا، قال الله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي}[البقرة: ٢٤٩] . والرواية الثالثة أن العلة فيما عدا الأثمان كونه مأكول جنس فيختص بالمطعومات ويخرج منه ما عداها. والعلة في الذهب والفضة الثمنية وهو مذهب الشافعي، فيختص الذهب والفضة، ودليله حديث معمر وقد سبق، ولأن الطعم وصف شرف إذ به قوام الأبدان، والثمنية وصف شرف إذ بها قوام الأموال، فيقتضي التعليل بهما. ولأنه لو كانت العلة في الأثمان الوزن لما جاز إسلامهما في الموزونات، لأن أحد وصفي علة ربا الفضل يكفي في تحريم النسأ. إذا ثبت هذا فعلى الرواية الأولى متى اجتمع الطعم والجنس والكيل والوزن حرم الربا رواية واحدة، وما وجد فيه أحد الوصفين الطعم والكيل أو الوزن واتحد جنسه ففيه روايتان واختلاف بين أهل العلم كالأشنان والحديد والرصاص والبطيخ والرمان، ولا فرق في المأكولات بين ما يؤكل قوتًا أو تفكهًا كالفواكه أو تداويًا كالإهليلج، فإن الكل واحد في باب الربا. والله أعلم.
مسألة ١٨:(ولا يجوز بيع مكيل من ذلك بجنسه وزنًا، ولا موزون كيلًا) قد سبق أن قضية البيع المساواة، والمساواة المرعية في الشرع هي المساواة في المكيل كيلًا وفي الموزون وزنًا، فإذا تحققت المساواة في ذلك لم يضر اختلافها فيما سواه، وإن لم توجد المساواة في ذلك لم يصح البيع لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الذهب بالذهب وزنًا بوزن، والبر بالبر كيلًا بكيل» رواه الأثرم في حديث عبادة، ولأبي داود ولفظه:«البر بالبر مدًا بمد والشعير بالشعير مدًا بمد فمن زاد أو ازداد فقد أربى» ، فأمر بالمساواة في الموزونات المذكورة في الوزن وأمر بالمساواة في المكيلات في الكيل، ولأن حقيقة الفضل مبطلة للبيع والمساواة مشترطة فيجب العلم بوجود الشرط، فلا يجوز بيع المكيل بالمكيل وزنًا لأن تماثلهما في الكيل شرط، فمتى باع رطلًا خفيفًا منه برطل ثقيل حصل في كفة الخفيف أكثر مما في كفة الثقيل، فربما حصل في رطل حنطة ثقيلة ثلثا مد ويحصل في رطل الخفيفة مد فيفوت التساوي المشترط، ولا يجوز بيع الموزون بالموزون كيلًا لإفضائه إلى التفاضل على مثل ما ذكرنا في الكيل.