مسألة ١٩:(وإن اختلف الجنسان جاز بيعه كيف شاء يدًا بيد) يعني يجوز بيعه كيلًا ووزنًا وجزافًا، لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في الأعيان الستة:«فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم يدًا بيد» رواه أبو داود.
مسألة ٢٠:(ولم يجز النسأ فيه) لذلك. وفي لفظ أبي داود:«لا بأس ببيع الذهب بالفضة والفضة أكثرهما يدًا بيد، وأما نسيئة فلا. ولا بأس ببيع البر بالشعير والشعير أكثرهما يدًا بيد، وأما نسيئة فلا» . فما اتحدت عليه ربا الفضل فيهما كالمكيل بالمكيل والموزون بالموزون عند من يعلل بهما، والمطعوم عند من يعلل به، فهذا لا خلاف بين أهل العلم في تحريم النسأ فيهما، وما اختلفت علتاهما كالمكيل بالموزون ففيه روايتان عن أحمد: إحداهما: لا يجوز النسأ فيهما بالقياس على ما اتفقت علتهما، والرواية الثانية: يجوز لأنه لم يجتمع فيهما أحد وصفي علة الربا أشبها الثياب بالحيوان، ويخرج من القسمين إذا كان أحد العوضين ثمنًا والآخر من غير ثمن فإنه يجوز النسأ فيهما بغير خلاف، لأن الشرع رخص في السلم، والأصل في رأس المال السلم النقدان، فلو قلنا لا يجوز انسد باب السلم في الموزونات على ما عليه الأصل الغالب فأثرت رخصة الشرع في التجويز.
مسألة ٢١:(ولا يجوز النسأ فيه ولا التفرق قبل القبض) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يدًا بيد» فيحتمل أنه أراد به القبض وعبر باليد عن القبض، ويحتمل أنه أراد به الحلول وترك النسيئة، لأننا لو اشترطنا القبض في جميع ما يحرم فيه النسأ لم يبق فيه ربا نسيئة لكون العقد يفسد بترك التقابض، والإجماع منعقد على أن من أنواع الربا ربا النسيئة، قال أبو الخطاب: ما اتفقت علتهما كالحنطة بالشعير والذهب بالفضة لم يجز التفرق فيهما قبل القبض، وإن فعلا بطل العقد، وما اختلفت علتهما كالمكيل بالموزون جاز التفرق فيهما قبل القبض، رواية واحدة، قال شيخنا: وهذا ينبغي أن يكون في غير المطعوم، فأما المطعوم فإن فيه رواية لأن الربا يجري فيه، فعلى هذه لا يجوز التفرق فيه قبل القبض أيضًا، وعلى الرواية الأخرى يجوز.