الورثة عن حقه أو عن بعضه سقط كله وللباقين حقهم من الدية
(١٨) وإن كان العفو على مال فله حقه من الدية، وإلا فليس له إلا الثواب الثاني: أن يرث القاتل أو بعض ولده شيئاً
ــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
وروى أنس قال:«ما رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رفع إليه شيء فيه قصاص إلا أمر فيه بالعفو» رواه أبو داود؛ ولأنه حق له تركه فجاز ذلك وكان أفضل من الاستيفاء كسائر الحقوق.
إذا ثبت هذا فإن القصاص ثبت لجميع الورثة؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين: أن يأخذوا العقل، أو يقتلوا» وروى زيد بن وهب أن عمر أتي برجل قتل قتيلا، فقالت امرأة المقتول - وهي أخت القاتل - قد عفوت عن حقي، فقال عمر: الله أكبر عتق القتيل، رواه أبو داود.
وإذا ثبت أن هذا مشترك بين جميعهم سقط بإسقاط بعضهم أيهم كان؛ لأن حقه منه له فينفذ تصرفه فيه، فإذا سقط وجب سقوطه جميعه؛ لأنه مما لا يتبعض، فهو كالطلاق والعتق، وروى قتادة أن عمر رفع إليه رجل قتل رجلا، فجاء أولاد المقتول وقد عفا بعضهم، فقال عمر لابن مسعود: ما تقول؟ قال: إنه قد أحرز من القتل، فضرب على كتفه، وقال: كنيف ملئ علما، ولأن القصاص حق مشترك بينهم لا يتبعض ومبناه على الإسقاط، فإذا أسقط بعضهم سرى إلى الباقي كالعتق.
١ -
مسألة ١٧: فإذا عفا بعضهم فللباقين حقوقهم من الدية سواء أسقط مطلقا أو إلى الدية؛ لأن حقه من القصاص سقط بغير رضاه فثبت له البدل، كما لو مات القاتل، وكما لو سقط حق أحد الشريكين في العبد بإعتاق شريكه.
مسألة ١٨:(وإن كان العفو على مال فله حقه من الدية، وإلا فليس له إلا الثواب) يعني إذا عفا بعض الورثة عن القصاص على مال فله حقه من الدية إن كان العفو على الدية، وإن كان على أكثر منها جاز وله حقه من ذلك؛ لأنه حقه وله التصرف فيه حسب اختياره، (الثاني: أن يرث القاتل أو بعض ولده شيئا من دمه) كرجل له زوجة وابنان منها