من دمه الثالث: أن يموت القاتل فيسقط وتجب الدية في تركته
(١٩) ولو قتل واحد اثنين عمدا فاتفق أولياؤهما على قتله بهما قتل بهما
ــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
فقتل أحد الابنين أباه، وقتل الآخر أمه فإنه يجب القصاص على قاتل الأم ويسقط عن قاتل الأب؛ لأنه ورث ثمن دمه عن أمه ويلزم سبعة أثمان دية الأب لقاتل الأم، ولو لم يقتل الآخر أمه ولكنها ماتت فإن القصاص يسقط عن قاتل الأب أيضا؛ لأنه يرث من دمه نصف ثمنه والنصف الآخر لأخيه، ويجب عليه لأخيه سبعة أثمان الدية ونصف ثمنها، ولو قتل رجل زوجته وله منها ولد سقط عنه القصاص لثبوته لولده؛ لأنه لو قتل ولده لم يجب عليه قصاص، فإذا ثبت لولده عليه قصاص سقط بطريق الأولى، (الثالث: أن يموت القاتل فيسقط القصاص وتجب الدية في تركته) لفوات محل الحق فيسقط القصاص ضرورة فواته ويراجع إلى الدية كما رجعنا في المتلفات إلى القيمة.
مسألة ١٩:(ولو قتل واحد اثنين عمدا فاتفق أولياؤهما على قتله بهما جاز) ، وقال أبو حنيفة ومالك: يقتل بالجماعة، ليس لهم إلا ذلك، وإن طلب بعضهم فليس له، وإن بادر أحدهم فقتل سقط حق الباقين؛ لأن الجماعة يقتلون بالواحد فكذلك يقتل بهم؛ كالواحد بالواحد، وقال الشافعي: لا يقتل إلا بواحد، سواء اتفقوا على الطلب للقصاص أو لم يتفقوا؛ لأنه إذا كان لكل واحد استيفاء القصاص فاشتراكهم في المطالبة لا يوجب تداخل حقوقهم كسائر الحقوق، ولنا قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فمن قتل له قتيل فأهله بين خيرتين: إن أحبوا قتلوا، وإن أحبوا أخذوا العقل» وظاهر الخبر أن أهل كل قتيل يستحقون ما يختارونه من القتل أو الدية، فإذا اتفقوا على القتل وجب لهم، وإن اختار بعضهم الدية وجبت له بظاهر الخبر، ولأنهما جنايتان، ولو كانتا خطأ أو إحداهما لم يتداخلا فلم يتداخلا في العمد كالأطراف، وقد سلموا أن الأطراف لا تتداخل، ولأنه حق تعلق بعينه حقان لا يتسع لهما معا فإذا رضيا به عن حقهما جاز ذلك، كما لو قتل عبد عبدين لهما خطأ فرضيا بأخذه بدلا عنهما، ولأنهما رضيا بدون حقهما فجاز كما لو رضي صاحب اليد الصحيحة بالشلاء وولي الحر بالعبد وولي المسلم بقتل الكافر، وما ذكره مالك وأبو حنيفة فليس بصحيح، فإن الجماعة قتلوا بالواحد لئلا يؤدي الاشتراك إلى إسقاط القصاص تغليظا