للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٢٨) وإن أكره رجل على القتل فقتل، (٢٩) أو جرح أحدهما جرحا والآخر مائة، (٣٠) أو قطع أحدهما من الكوع والآخر من المرفق فهما قاتلان وعليهما القصاص، وإن

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

لأمتي عن الخطأ والنسيان» وأجمعوا على أنه لا قود عليه، وأما شريكه فكذلك عند أكثرهم، وعنه: عليه القود؛ لأنه شارك في القتل العمد العدوان فأشبه شريك العامد؛ ولأنه مؤاخذ بفعله وهو عمد عدوان لا عذر له فيه، ولنا أنه قتل غير متمحض عمدا فلم يوجب القود كشبه العمد وكما لو قتله واحد بجرحين عمدا وخطأ.

مسألة ٢٨: (وإن أكره رجل رجلا على القتل فقتل أو جرح أحدهما جرحا والآخر مائة، أو قطع أحدهما يده من الكوع والآخر من المرفق، فهما قاتلان وعليهما القصاص، وإن وجبت الدية استويا فيها) ، أما إذا أكره رجل رجلا على القتل فقتل فالقصاص على المكره والمكره جميعا، أما المكره؛ فلأنه تسبب إلى القتل العمد العدوان فوجب عليه القصاص، كشهود القصاص إذا رجعوا، وأما المكره فإنه قتل من يكافئه ظلما عدوانا فوجب عليه القصاص كما لو لم يكره، والدليل على أنه قتل أنه أخذ السيف وحز الرقبة، ولأن القتل عبارة عن جرح يتبعه الزهوق وقد وجد منه ذلك، ولأنه أثم بذلك فإن عليه إثم القتل، والدليل على أنه عمد أنه قصد الفعل بآلة محصلة له، ولأن الإكراه لم يسلبه اختياره ولا ضعف قصده بل هيج دواعيه وكثرها، ولا يقال: إنه ينزل بمنزلة الآلة، فإن الآلة لا تأثم وهذا يأثم، والآلة ليس لها قصد وهذا له قصد صحيح، فإنه وقى نفسه واستبقاها بقتل أخيه المسلم، فينبغي أن يجب عليه القصاص ويصير كما لو قال له: اقتله وإلا قتلتك غدا فقتله فإنه يجب عليه القصاص.

١ -

مسألة ٢٩: وأما إذا جرح أحدهما جرحا والآخر مائة فإنه يجب عليهما القصاص إذا مات المجروح، وإن صار الأمر إلى الدية فهما فيها سواء؛ لأنه يجوز أن يموت من الجرح دون الجراحات فسقط اعتبار عددها، ولأن الجراح إذا صارت نفسا أوجبت دية واحدة، كما لو قطع يده فمات، ولو كانت إحدى الجراحتين أعمق من الأخرى مثل أن تكون إحداهما موضحة والأخرى مأمومة فمات منهما فالقود عليهما؛ لأن ذلك لا يمنع من تساويهما، كما لا يمنع زيادة عدد الجراحات.

١ -

مسألة ٣٠: وإن قطع أحدهما من الكوع والآخر من المرفق فمات وجب القود

<<  <   >  >>