كتاب العدة شرح العمدة

[كتاب الديات] - ص: 557

١٨ - ولو شربت الحامل دواء فأسقطت به جنينها فعليها غرة لا ترث منها شيئا

(١٩) وإن كان الجنين كتابيا ففيه عشر دية أمه

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

خمس من الإبل موروثة عنه) فيجب في جنين الحرة المسلمة غرة وهو قول أكثرهم، روي ذلك عن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: " أنه استشار الناس في إملاص المرأة، فقال المغيرة بن شعبة: «شهدت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قضى فيه بغرة عبد أو أمة، قال: لتأتين بمن يشهد معك، فشهد له محمد بن مسلمة» ، وعن أبي هريرة قال: «اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقضى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن دية جنينها غرة عبد أو أمة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها، وورثها ولدها» (متفق عليه) ، واشترط كون الجنين حرا؛ لأن الخبر ورد فيه، وإن كان مملوكا ففيه عشر قيمة أمه كما قلنا في جنين الحرة يجب فيه عشر دية أمه، وإنما تجب الغرة إذا سقط من الضربة، ويعلم ذلك بأن يسقط عقيبها أو يبقى بها سالما إلى أن يسقط؛ لأنه إذا سقط من الضربة كان قاتلا له فوجبت ديته كما لو ضربه بعد الولادة فقتله، ويجب أن تكون الغرة قيمتها نصف عشر الدية وهي خمس من الإبل، وإذا لم يجد الغرة انتقل إلى خمس من الإبل على ظاهر كلام الخرقي، وعلى قول غيره من أصحابنا ينتقل إلى خمسين دينارا أو ستمائة درهم، إذا ثبت هذا فإن الغرة موروثة عن الجنين كأنه سقط حيا؛ لأنها دية له وبدل عنه فيرثها ورثته كما لو قتل بعد الولادة وكدية الكبير.

مسألة ١٨: (ولو شربت الحامل دواء فأسقطت به جنينها فعليها غرة لا ترث منها شيئا) أجمعوا على ذلك ولأنها إذا أسقطت بالدواء جنينا فهي القاتلة للجنين الجانية عليه، فلزمها ضمانه بالغرة كما لو جنى عليه غيرها، ولا ترث من الغرة شيئا؛ لأن القاتل لا يرث وتكون الغرة لبقية الورثة من كانوا، وعليها عتق رقبة، وكذلك كل من ضرب عليه عتق رقبة في ماله؛ لأن الله سبحانه قال: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] ، وقد ثبت للجنين الإيمان تبعا لأبويه، ولأنها نفس مضمونة بالدية فوجب فيها الكفارة كالكبير.

مسألة ١٩: (وإن كان الجنين كتابيا ففيه عشر دية أمه) ؛ لأن الجنين المسلم فيه عشر دية أمه فكذلك الجنين الكتابي فيه عشر دية أمه.