مسألة ٦٨: وإن قتل صبي أو مجنون وجبت الكفارة في مالهما؛ لعموم قوله سبحانه:{وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}[النساء: ٩٢] ، وهما قد قتلا مؤمنا، وكذلك الكافر إذا قتل تجب عليه الكفارة؛ لأنه حق مال يتعلق بالقتل فتعلقت به كالدية.
١ -
مسألة ٦٩: والمشهور في المذهب أنه لا كفارة في قتل العمد، وعنه تجب فيه وهو قول الشافعي، لما روى واثلة بن الأسقع قال:" «أتينا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في صاحب لنا قد أوجب بالقتل، فقال: أعتقوا عنه رقبة يعتق الله تعالى بكل عضو منها عضوا منه من النار»(رواه أبو داود) ، ولأنها إذا وجبت في الخطأ ففي العمد أولى؛ لأنه أعظم إثما وأكبر جرما، ولنا مفهوم قَوْله تَعَالَى:{وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}[النساء: ٩٢] ، ثم ذكر قتل العمد فلم يوجب فيه كفارة فمفهومه أنه لا كفارة فيه، وروي أن سويد بن الصامت «قتل رجلا فأوجب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - القود ولم يوجب كفارة» ، ولأنه فعل يوجب القتل فلا يوجب كفارة كالزنا من المحصن، وخبر واثلة يحتمل أنه أمرهم بالإعتاق عنه تبرعا وكذلك أمر به غير القاتل، وما ذكره من المعنى لا يصح؛ لأنه يحتمل أنها وجبت في الخطأ لقلة إثمه لتمحو أثر التفريط فلا يلزم إيجابها في موضع كبر إثمه وتعاظم جرمه بحيث لا يمكنها رفعه.
١ -
مسألة ٧٠: ومن شارك في قتل يوجب الكفارة لزمته الكفارة، ويلزم كل واحد من شركائه كفارة وهو قول أكثرهم، وحكى أبو الخطاب عن الإمام أحمد رواية أن عليهم كفارة واحدة؛ لعموم قوله:{وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}[النساء: ٩٢] ، و " من " تتناول الواحد والجماعة، ولأنه لم يوجب إلا دية وكفارة، والدية لا تتعدد بالفاعلين كذلك الكفارة، ولأنها كفارة تتعلق بالقتل فإذا اشترك في سببها الجماعة وجبت كفارة واحدة ككفارة الصيد، ولنا أنها كفارة لا تتبعض بدليل أنها لا تنقسم على الأطراف، وما لا يتبعض إذا