الشرط الثاني: أن يكون المسروق نصابا، وقيل يقطع في القليل والكثير؛ لظاهر الآية، ولما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لعن الله السارق، يسرق الحبل فتقطع يده، ويسرق البيضة فتقطع يده» متفق عليه، ولنا قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لا تقطع إلا في ربع دينار فصاعدا» متفق عليه، ويحتمل أن الحبل يساوي ذلك، وكذلك بيضة السلاح، وروى ابن عمر «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم» متفق عليه، قال ابن عبد البر: هذا أصح حديث يروى في هذا الباب، ولا يختلف أهل العلم في ذلك، وفي هذا الحديث دليل على أن العروض تقوم بالدراهم؛ لأن ثمن المجن قوم بها، ولأن ما كان الذهب فيه أصلا كان الورق فيه أصلا كنصب الزكاة والديات وقيم المتلفات.
الشرط الثالث: كون المسروق مالا، فإن سرق ما ليس بمال كالحر فلا قطع فيه صغيرا كان أو كبيرا، وقيل: يقطع بسرقة الصغير؛ لعموم الآية، ولأنه غير مميز أشبه العمد، وذكره أبو الخطاب رواية عن الإمام أحمد، ولنا أنه ليس بمال فلا يقطع بسرقته كالكبير النائم.
الشرط الرابع: أن يخرجه من الحرز، أكثر أهل العلم على اشتراطه، ولا نعلم عن أحد خلافهم إلا الحسن والنخعي، وروي عن عائشة فيمن جمع المتاع في البيت: عليه القطع، وعن الحسن مثل قول سائر أهل العلم، قال ابن المنذر: وليس فيه خبر ثابت فهو كالإجماع منهم، وحكي عن داود أنه لا يعتبر الحرز؛ لأن الآية لا تفصيل فيها، ولنا إجماع أهل العلم السابق على قوله، وما روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن رجلا من مزينة سأل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الثمار فقال:«من أخذ بفيه ولم يتخذ خبنة فليس عليه شيء، ومن احتمل فعليه ثمنه مرتين وضرب ونكال، وما أخذ من أجرانه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وغيرهم، وهذا الخبر يخص الآية كما خصصناها في اعتبار النصاب، وإذا ثبت هذا في الحرز وما عد حرزا في