للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٤٤) فإن عاد قطعت رجله اليسرى من مفصل الكعب وحسمت

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

العرف، فإنه لما لم يثبت اعتباره في الشرع من غير تنصيص على بيانه علم أنه رد ذلك إلى العرف؛ لأنه لا طريق إلى معرفته إلا من جهته، إذا ثبت هذا فإن حرز الذهب والفضة والجواهر في الصناديق تحت الأغلاق والأقفال الوثيقة، وحرز الثياب وما خف من المتاع كالصفر والنحاس والرصاص في الدكاكين والبيوت المقفلة في العمران، فإن كان لابسا ثوبا أو متوسدا له نائما عليه أو مستيقظا في أي موضع فهو محرز بدليل حديث رداء صفوان إذ سرق رداؤه وهو متوسده في المسجد فقطع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سارقه، فإن تدحرج عن الثوب زال الحرز، وحرز البقل وقدور الباقلاء بالشرائح من الخشب والقصب إذا كان في السوق حارس، وحرز الخشب والحطب بالحظائر وتعبية بعضه على بعضه ويقيد فوقه بحيث يعسر أخذ شيء منه على ما جرت به العادة، وما في الفنادق مغلق عليه فهو محرز وإن لم يقيد.

١ -

مسألة ٤٣: فإذا وجدت هذه الشروط وجب قطع يده اليمنى من مفصل الكف وهو الكوع وحسمت، ولا خلاف بين أهل العلم في أن السارق أول ما يقطع منه يده اليمنى، روي ذلك عن أبي بكر وعمر ولا مخالف لهما في الصحابة، ولأن البطش بها أقوى فكان البداية بها أردع، ويستحب أن تحسم اليد والرجل بعد القطع، ومعناه أنه يغلى لها الزيت فإذا قطعت غمست فيه لتنسد أفواه العروق لئلا ينزف الدم، وقد روي «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أتي بسارق سرق شملة فقال: اقطعوه واحسموه» ، وهو حديث في إسناده مقال، قاله ابن المنذر.

مسألة ٤٤: (فإن عاد ثانيا قطعت رجله اليسرى من مفصل الكعب وحسمت) ، وبذلك قالت الجماعة إلا عطاء، وحكي عنه أنه تقطع يده اليسرى؛ لقوله سبحانه: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] ، وحكي ذلك عن ربيعة وداود، ومذهب جماعة فقهاء الأمصار من الصحابة والتابعين على ما قلناه، وقد روي عن أبي هريرة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في السارق:

<<  <   >  >>