للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٤٥) فإن عاد حبس ولا يقطع غير يد ورجل

(٤٦) ولا تثبت السرقة إلا بشهادة عدلين، أو اعتراف مرتين

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

«إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله» ؛ ولأنه في المحاربة تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى كذا هاهنا، وإنما قطعت رجله اليسرى؛ لأنه أرفق به، ولأنه يمكنه المشي على خشبة، ولو قطعت رجله اليمنى ويده اليمنى لم يمكنه ذلك.

مسألة ٤٥: (فإن عاد حبس ولا يقطع غير يد ورجل) وهو اختيار أبي بكر وروي عن علي والحسن والشعبي، وعن أحمد أنه تقطع يده اليسرى في الثالثة وفي الرابعة رجله اليمنى وفي الخامسة يعزر ويحبس وهو قول الشافعي؛ لما روى أبو هريرة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في السارق: «إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله، ثم إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله» (رواه الدارقطني) ؛ ولأن اليسار تقطع قودا فتقطع في السرقة كاليمنى، ولأن في قطع اليدين تعطيل منفعة الجنس فلم يشرع في حد كالقتل، ألا ترى أنا عدلنا في الثانية إلى قطع الرجل لهذا المعنى، ولأن قطع اليدين بمنزلة الإهلاك فإنه لا يمكنه أن يتوضأ ولا أن يستنجي ولا أن يحترز من النجاسة ولا يزيلها عنه ولا يأكل ولا يبطش، ولذلك أوجب الله سبحانه في يديه دية جميعه، وقال علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إني لأستحي من الله أن لا أدع له يدا يبطش بها ولا رجلا يمشي عليها.

مسألة ٤٦: (ولا تثبت السرقة إلا بشهادة عدلين، أو اعتراف مرتين) ، وذلك أن القطع إنما يثبت بأحد أمرين: بينة أو اعتراف، فأما البينة فيشترط فيها أن يكونا رجلين مسلمين حرين عدلين، سواء كان السارق مسلما أو ذميا، وقد ذكرنا ذلك في الشهادة في الزنا، ويشترط أن يصفا السرقة والحرز والجنس والنصاب وقدره ليزول الاختلاف فيه فيقولان: نشهد أن هذا سرق كذا قيمته كذا من حرز، وبصفاته فيقولان: من حرز فلان ابن فلان بحيث يتميز عن غيره، فإذا اجتمعت الشروط وجب الحد، الثاني: الاعتراف مرتين، لما روى أبو داود بإسناده عن أمية المخزومي «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أتي بلص قد اعترف فقال له:

<<  <   >  >>