، ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى في مقام واحد وحسمتا (٥١) ولا يقطع إلا من أخذ ما يقطع السارق به
(٥٢) ومن أخاف السبيل ولم يقتل ولا أخذ مالا
ــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
يوجب القتل والقطع فأشبه ما لو زنى وسرق، وعنه إذا قتل وأخذ المال قطع ثم قتل ثم صلب، قال مالك: إذا قطع الطريق فإن رآه الإمام جلدا إذا رأى قتله، وإن كان جلدا لا رأى له قطعه، ولنا على أنه لا يقتل إذا لم يقتل؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير حق»(رواه أبو داود) ، وأما " أو " فقد قال ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مثل قولنا، فإما أن يكون توقيفا أو لغة، وأيهما كان فهو حجة يدل على أنه بدأ بالأغلظ فالأغلظ، وعرف القرآن فيما أريد به التخيير البداية بالأخف ككفارة اليمين، وما أريد به الترتيب بدئ فيه بالأغلظ ككفارة القتل، يدل عليه أن العقوبات تختلف باختلاف الأجرام ولذلك اختلف حكم الزاني والقاذف والسارق، وقد سوي بينهم مع اختلاف جناياتهم، وبهذا نرد على مالك، فإنه إنما اعتبر الجلد والرأي، وهو على خلاف الأصول التي ذكرناها، وقول أبي حنيفة لا يصح لأن القطع لو وجب بحق الله سبحانه لم يخير الإمام فيه كقطع السارق وكما لو انفرد بأخذ المال، ولأن الحدود لله سبحانه إذا كان فيها قتل سقط ما دونه كما لو سرق وزنى وهو محصن، وذكر العاقولي في معلقه أن أبا داود روى عن ابن عباس قال:«وادع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أبا بردة الأسلمي فجاء ناس يريدون الإسلام فقطع عليهم أصحابه، فنزل جبريل - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بالحد فيهم أن من قتل وأخذ المال قتل ثم صلب، ومن قتل ولم يأخذ المال قتل، ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف» وهو نص.
مسألة ٥١:(ولا يقطع إلا من أخذ ما يقطع به السارق) ؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا قطع إلا في ربع دينار» ، ولم يفصل.
مسألة ٥٢:(ومن أخاف السبيل ولم يقتل ولا أخذ مالا نفي من الأرض) ؛ لقوله سبحانه:{أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ}[المائدة: ٣٣] قال ابن عباس: النفي في هذه الحالة يعني في حق من لم يقتل ولم يأخذ مالا ولكنه أخاف السبيل، ونفيه تشريده عن الأمصار والبلدان، فلا يترك