للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفي من الأرض

(٥٣) ومن تاب قبل القدرة عليه سقطت عنه حدود الله تعالى وأخذ بحقوق الآدميين إلا أن يعفى له عنها

فصل (٥٤) ومن عرض له من يريد نفسه أو ماله أو حريمه أو حمل عليه سلاحاً أو دخل منزله بغير إذنه فله دفعه بأسهل ما يكون أنه يندفع به، فإن لم يندفع إلا بقتله فله قتله ولا ضمان عليه، وإن قتل الدافع فهو شهيد وعلى قاتله ضمانه

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

يأوي إلى بلد لظاهر الآية، فإن النفي الطرد والإبعاد، وأما الحبس فهو إمساك، وهما متنافيان.

مسألة ٥٣: (ومن تاب قبل القدرة عليه سقطت عنه حدود الله وأخذ بحقوق الآدميين إلا أن يعفى له عنها) لا نعلم في هذا خلافا، ودليله قول الله سبحانه: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: ٣٤] فيسقط عنهم تحتم القتل والصلب والقطع والنفي، ويبقى عليهم القصاص في النفس والجراح وغرامة المال والدية لما لا قصاص فيه، ولأنه إذا تاب قبل القدرة عليه فالظاهر أنها توبة إخلاص، وأما التوبة بعد القدرة عليه فالظاهر أنها تقيه من إقامة الحد عليه فلا تفيده، وأما حقوق الآدميين التي ذكرناها من القصاص وغيرها، فيؤخذ بها ولا تسقط بالتوبة كما لو أخذ شيئا أو أتلف شيئا وهو غير محارب ثم تاب، فإنه يلزم به إلا أن يعفو صاحبه.

مسألة ٥٤: (ومن عرض له من يريد نفسه أو ماله أو حريمه أو حمل عليه سلاحا أو دخل منزله بغير إذنه فله دفعه بأسهل ما يعلم أنه يندفع به، فإن لم يندفع إلا بقتله فله قتله ولا ضمان عليه، وإن قتل الدافع فهو شهيد) ، وذلك أن من عرض لإنسان يريد نفسه أو ماله أو حريمه فإنه يجوز له دفعه عن نفسه وماله وحريمه بأسهل ما يندفع به، كما يجوز ذلك في أهل البغي، فإن كان يندفع بالقول لم يجز ضربه؛ لأن المقصود دفعه وليس المقصود ضربه، وإن كان يندفع بالضرب لم يجز قتله لأن المقصود دفعه لا قتله، فإن لم يمكن دفعه إلا بالقتل أو خاف أن يبادره بالقتل إن لم يقتله فله ضربه بما يقتله به أو يقطع طرفه، فإن قتله أو أتلف منه عضوا كان هدرا لأنه قتله لدفع شره فلم يضمن كالباغي، ولأنه اضطره إلى قتله فصار كأنه القاتل لنفسه، وإن قتل الدافع فهو شهيد، لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو

<<  <   >  >>