ولا راهب ولا شيخ فان ولا زمن ولا أعمى ولا من لا رأي لهم إلا أن يقاتلوا
(٢٠) ويخير الإمام في أسارى الرجال بين القتل والاسترقاق والفداء والمن، ولا يختار إلا الأصلح
ــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
يزيد حين وجهه إلى الشام فقال: لا تقتلوا صبيا ولا امرأة ولا هرما، وأن عمر أوصى سلمة بن قيس فقال: لا تقتلوا امرأة ولا صبيا ولا شيخا هرما، ولا يقتل المجنون بالقياس على الطفل، ولأنه لا نكاية له أشبه الصبي، وفي حديث أبي بكر أنه قال: وستمرون على قوم في صوامع لهم احتبسوا أنفسهم فيها، فدعهم حتى يميتهم الله على ضلالتهم، ولأنه لا نكاية لهم فلم يجز قتلهم كالنساء، والزمن والأعمى يقاس على الشيخ بما بيناه من عدم النكاية في الحرب إلا أن يكون لهم رأي في الحرب فيقتلون لأن ذلك نكاية كالقتال.
مسألة ٢٠:(ويخير الإمام في أسارى الرجال بين القتل والاسترقاق والفداء والمن، ولا يختار إلا الأصلح للمسلمين) أما جواز تخير القتل فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قتل رجال قريظة وهم ما بين الستمائة والسبعمائة، وقتل يوم بدر عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث صبرا، ولأن العدو قد يكون منهم من له قوة ونكاية في المسلمين فيكون قتله أصلح للمسلمين، وأما جواز المن والفداء فلقوله سبحانه:{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}[محمد: ٤] ، وأيضا فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد من على ثمامة بن أثال وعلى أبي غيرة الشاعر وأبي العاص بن الربيع، وقال في أسارى بدر: " «لو كان المطعم بن عدي حيا ثم سألني في هؤلاء النتنى لأطلقتهم له»(رواه البخاري) ، ودليل الفداء «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فادى أسارى بدر وكانوا ثلاثة وسبعين رجلا ففادى كل رجل بأربع مائة، وفادى يوم بدر رجلا برجلين وصاحب العضباء برجلين» ، وهذه قصص اشتهرت وعلمت، وقد فعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كل واحدة منها مرة أو مرارا وهو دليل الجواز، ولأن كل خصلة من هذه الخصال قد تكون هي الأصلح، وفي بعض الأسارى فإن منهم من تكون له قوة ونكاية فقتله أصلح، ومنهم الضعيف الذي له مال كثير ففداؤه أصلح، ومنهم حسن الرأي في الإسلام فإطلاقه ربما كان سببا لإسلامه فالمن عليه أصلح، ومنهم من ينتفع بخدمته ويؤمن شره فاسترقاقه أصلح، والإمام أعلم بالمصلحة فينبغي أن يفوض إليه ذلك، ويجوز استرقاق أهل الكتاب والمجوس وأما غيرهم فلا، وعن أحمد يجوز استرقاقهم لأنه كافر فجاز استرقاقه كالكتابي.
إذا ثبت هذا فإن التخيير المشروع تخيير مصلحة واجتهاد لا تخيير شهوة، فإذا رأى أن