مصلحة المسلمين في قتله بأن يكون ذا شوكة وبأس يخاف الضرر بتركه لم يجز إلا قتله، وما رأى فيه مصلحة من سائر الخصال تحتم ولم يجز له غيره، ومتى تردد في هذه الأمور فالقتل أولى، قال مجاهد في أميرين أحدهما يقتل الأسارى: الذي يقتل أفضل، قال إسحاق: الإثخان أحب إلي إلا أن يكون معروفا يطمع فيه الكثير.
مسألة ٢١:(وإن استرقهم أو فاداهم بمال فهو غنيمة) لا نعلم في هذا خلافا «فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قسم فداء أسرى بدر بين الغانمين» ، ولأنه مال غنمه المسلمون فأشبه الخيل والسلاح، وإذا استرقهم كانوا غنيمة للمسلمين؛ لأنهم الذين أسروهم وقهروهم، ومن كان بدله غنيمة كان أصله غنيمة قياسا للأصل على البدل.
مسألة ٢٢:(ولا يفرق في السبي بين ذوي رحم محرم إلا أن يكونوا بالغين) أجمعوا على أن التفريق بين الأم وولدها الطفل غير جائز، وروى أبو أيوب قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:«من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة» أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن غريب، ولأن في ذلك إضرارا بها وتحسرا عليه، وظاهر كلام الخرقي أنه يحرم التفريق وإن كان الولد كبيرا وبالغا، وهو إحدى الروايتين عن أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -، والرواية الثانية نقلها مهنى يجوز التفريق بينهما بعد البلوغ، لما روى عبادة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«لا يفرق بين الأم وولدها، فقيل: إلى متى؟ قال: حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية» "، وعن سلمة بن الأكوع «أنه أتى أبا بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بامرأة وبنتها فنفله أبو بكر ابنتها ثم استوهبها منه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فوهبها إياه»(رواه أبو داود) ، ولما أهدي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مارية وأختها سيرين أمسك مارية لنفسه ووهب سيرين لحسان بن ثابت، ولأن الأحرار يتفرقون بعد البلوغ فإن المرأة تزوج ابنتها ويفرق بينهما فالعبيد أولى، وأما الأب فلا يجوز التفريق بينه وبين ولده؛ لأنه أحد الأبوين أشبه الأم، والجد في ذلك كالأب، والجدة كالأم؛ لأن الجد أب والجدة أم يقومان مقام الأبوين في استحقاق