للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٥٠) وإن خلوا أسيراً منا بشرط أن يبعث إليهم مالاً معلوماً لزمه الوفاء لهم

(٥١) فإن شرطوا عليه أن يعود إليهم إن عجز لزمه الوفاء لهم

(٥٢) إلا أن تكون امرأة فلا ترجع إليهم

فصل (٥٣) وتجوز مهادنة الكفار إذا رأى الإمام المصلحة فيها

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

مسألة ٥٠: (وإن خلوا أسيراً منا بشرط أن يبعث إليهم مالاً معلوماً لزمه الوفاء لهم به) ؛ لأن الله سبحانه قال: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} [النحل: ٩١] ، ولأن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صالح أهل الحديبية على رد من جاءه فوفى لهم وقال: "إنا لا يصلح في ديننا الغدر» ولأن في الوفاء مصلحة للأسارى وفي منعه مفسدة في حقهم، لأنهم لا يأمنون بعده أسيراً، والحاجة داعية إلى ذلك، فلزم الوفاء به كما يلزم الوفاء بعقد الهدنة.

مسألة ٥١: (فإن شرطوا عليه أن يعود إليهم إن عجز عنه لزمه العود) في إحدى الروايتين؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عاهد أهل الحديبية على رد من جاء مسلماً فرد أبا جندل وأبا بصير وقال: «إنا لا يصلح في ديننا الغدر» . والرواية الأخرى لا يرجع؛ لأن الرجوع إليهم معصية فلم يلزم بالشرط كما لو كان امرأة وكما لو شرط شرب الخمر أو قتل مسلم.

مسألة ٥٢: (إلا أن تكون امرأة فلا ترجع إليهم) ؛ لأن في رجوعها إليهم تسليطاً لهم على وطئها حراماً، وقد منع الله ورسوله رد النساء إلى كفار قريش بعد صلحه على ردهن في قصة الحديبية، وهي مشهورة، رواه أبو داود وغيره، وفيها: فجاء نسوة مؤمنات فنهاهم الله أن يردوهن بقوله: {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: ١٠] .

مسألة ٥٣: (وتجوز مهادنة الكفار إذا رأى الإمام المصلحة فيها) ومعناها أن يعقد لأهل الحرب عقداً على ترك القتال مدة بعوض وغير عوض ويسمى مهادنة وموادعة ومعاهدة، وذلك جائز لقول الله سبحانه: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ١] وقال: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال: ٦١] . وروى مروان ومسور بن مخرمة أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صالح سهيل بن عمرو بالحديبية على وضع القتال عشر سنين. ولا يجوز إلا النظر للمسلمين، إما أن يكون بالمسلمين ضعف عن قتالهم، وإما أن يطمع في إسلامهم بهدنتهم أو في أدائهم الجزية والتزامهم أحكام الملة، ولا تتقدر بمدة بل هي على ما يرى الإمام من المصلحة في قلتها وكثرتها، قال القاضي: ظاهر كلام أحمد أنها لا تجوز أكثر من

<<  <   >  >>