أحدها: أن تكون في يد أحدهما، فيقول للمدعي: ألك بينة؟ فإن قال: نعم وأقامها حكم له بها، وإن لم تكن له بينة قال: فلك يمينه، فإن طلبها استحلفه وبرئ، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لو أعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه»
(١٤) وإن نكل عن اليمين وردها على المدعي استحلفه وحكم له
ــ
[العُدَّة شرح العُمْدة]
إذا سأله فقال: احكم لي، فإنه يحكم له حينئذ، والحكم أن يقول: قد ألزمتك ذلك، أو قضيت عليك له، أو يقول: أخرج له منه، فيكون ذلك حكماً عليه.
مسألة ١٣:(وإن أنكر لم يخل من ثلاثة أقسام: أحدها أن تكون في يد أحدهما) يعني العين المدعاة، (فيقول الحاكم للمدعي: ألك بينة؟) لما روي «أن رجلين اختصما إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حضرمي وكندي، فقال الحضرمي: يا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إن هذا غلبني على أرض لي. فقال الكندي: هي أرضي وفي يدي، فليس له فيها حق. فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للحضرمي: ألك بينة؟ قال: لا. قال: فلك يمينه»(رواه أبو داود) وهو حديث صحيح. (وإن قال: نعم لي بينة وأقامها حكم له بها) بدليل الحديث، ولأن البينة كالإقرار، إذا لو أقر حكم عليه، (وإن لم يكن له بينة قال له: فلك يمينه) كما قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للحضرمي. وليس للحاكم أن يستحلفه قبل مسألة المدعي؛ لأن اليمين حق له فلم يجز استيفاؤها من غير مسألة مستحقها كنفس الحق، (وإن طلب إحلافه استحلفه وبرئ، «لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لو أعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه» .
مسألة ١٤: (وإن نكل عن اليمين) قضى عليه بنكوله، لما روي أن ابن عمر باع زيد بن ثابت عبداً. فادعى عليه زيد أنه باعه إياه عالماً بعيبه، فأنكر ابن عمر، فتحاكما إلى عثمان، فقال له عثمان: احلف أنك ما علمت به عيباً، فأبى أن يحلف، فرد عليه العبد، ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«اليمين على المدعى عليه» فحصرها في جنبته فلم تشرع لغيره.