للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(١٥) وإن نكل أيضاً صرفهما

(١٦) وإن لكل واحد منهما بينة حكم بها للمدعي

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

وعند أبي الخطاب لا يحكم بالنكول ولكن ترد اليمين على المدعى، وقال: قد صوبه أحمد وقال: ما هو ببعيد يحلف ويأخذ. فيقال للناكل: لك رد اليمين على المدعي، (فإن ردها على المدعي استحلفه وحكم له) وهو قول أهل المدينة، روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، لما روى نافع عن ابن عمر: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رد اليمين على طالب الحق» رواه الدارقطني.

مسألة ١٥: (وإن نكل أيضاً صرفهما) ؛ لأن يمين كل واحد منهما بطلت بنكوله عنها فقد أبطلا حجتهما باختيارهما، فإن عاد أحدهما فبذل اليمين لم يسمعها في ذلك المجلس؛ لأنه أسقط حقه منها، فإن عاد في مجلس آخر فاستأنف الدعوى أعيد الحكم بينهما كالأول، فإن بذل اليمين حكم بها لأنها يمين في دعوى أخرى.

مسألة ١٦: (وإن كان لكل واحد منهما بينة حكم بها للمدعي) ببينته، وتسمى بينة الخارج، وبينة المدعى عليه تسمى بينة الداخل، وقد اختلف عن أحمد فيما إذا تعارضا، فعنه تقدم بينة المدعي ولا تسمع بينة المدعى عليه بحال، وعنه تقدم بينة المدعى عليه بكل حال؛ لأن جنبة الداخل أقوى، بدليل أن يمينه تقدم على يمين المدعي، فإذا تعارضت البينتان وجب تقديمه كما لو لم يكن لهما بينة، وعنه إن شهدت بينة الداخل بسبب الملك فقالت: نتجت في ملكه أو كانت أقدم تاريخاً قدمت بينته لأنها إذا شهدت بالسبب فقد أفادت ما لا تفيده اليد، وقد روي عن جابر بن عبد الله: «أن رجلين اختصما إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في دابة أو بعير، فأقام كل واحد منهما البينة أنها له أنتجها، فقضى بها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للذي هي في يده» ووجه الأولى قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «البينة على المدعي» فجعل جنس البينات في جنبة المدعي فلا يبقى في جنبة المنكر بينة، ولأن بينة المدعي أكثر فائدة بدليل أنها تثبت شيئاً لم يكن، وبينة المدعى عليه إنما تثبت ظاهراً دلت اليد عليه فلم تكن مفيدة، فوجب تقديم ما كان أكثر فائدة على غيره، ولأنه تجوز الشهادة بالملك لرؤية اليد والتصرف فجائز أن تكون مستند بينة اليد فصارت بمنزلة اليد المفردة فتقدم عليها بينة المدعي كما تقدم على اليد، كما أن شاهدي الفرع لما كان مبنيين على شاهدي الأصل " لم تكن لهما مزية على شاهدي الأصل " كذا هاهنا.

<<  <   >  >>