للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(١١) وشهادة الأصم على المرئيات

(١٢) وشهادة الأعمى إذا تيقن الصوت

(١٣) وشهادة المستخفي

(١٤) ومن سمع إنسانا يقر بحق وإن لم يقل للشاهد أشهد

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

قال: لا تقبل؛ لأنه يجر إلى نفسه نفعاً فهو متهم، كما ترد شهادة العدو على عدوه للتهمة. ولنا عموم أدلة الشهادة، وما قاله يبطل بشهادة الغريم للمدين قبل الحجر وإن كان ربما قضاه دينه منه فجر إلى نفسه نفعاً أعظم مما يرجوه الصديق من صديقه، وأما العداوة فسببها محظور وفي الشهادة عليه شفاء غيظه منه فخالف الصداقة.

مسألة ١١: (وتجوز شهادة الأصم على المرئيات) .

مسألة ١٢: (وتجوز شهادة الأعمى إذا تيقن الصوت) روي ذلك عن ابن عباس وعلي، لقوله سبحانه: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢] ولأنه قول علي وابن عباس ولم يعرف لهما مخالف فكان إجماعاً، ولأن روايته مقبولة فقبلت شهادته كالبصير، ولأن السمع أحد الحواس التي يحصل بها اليقين، وقد يكون المشهود عليه ممن ألفه الأعمى وعرف صوته يقيناً، وهذا لا سبيل إلى إنكاره، وجواز اشتباه الأصوات كجواز اشتباه الصور، وفارق الأفعال فإن طريق الشهادة عليها الرؤية ولا يمكنه رؤيتها، فإذا ثبت هذا فإنما يجوز له أن يشهد إذا تيقن الصوت وعلم المشهود عليه يقيناً، فإن جواز أن يكون صوت غيره لم يجز أن يشهد به كما لو اشتبه على البصير المشهود عليه فلم يعرفه، ولا خلاف في قبول روايته وجواز استمتاعه من زوجته إذا عرف صوتها.

مسألة ١٣: (وتجوز شهادة المستخفي) وهو الذي يخفي نفسه عن المشهود عليه ليستمع إقراره ولا يعلم به، كالرجل يجحد الحق علانية ويقر به سراً، فيختفي له شاهدان لا يعلم بهما فإن أقر به سراً سمعاه وشهدا عليه فشهادتهما مقبولة على الرواية الصحيحة وهو قول الشافعي، وقد روي عن أحمد لا تقبل شهادته وهو اختيار أبي بكر وابن أبي موسى؛ لأن الله سبحانه قال: {وَلا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: ١٢] وروي «عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "من حدث بحديث ثم التفت فهي أمانة» يعني لا يجوز لسامعه أن يذكره عنه لالتفاته وحذره، ولنا أنهما سمعا إقراره فقبلت شهادتهما كما لو أشهدهما.

مسألة ١٤: (ويجوز شهادة من سمع إنساناً يقر بحق وإن لم يقل للشاهد اشهد علي) وعنه لا يشهد حتى يقول له المقر: اشهد علي، كالشهادة على الشهادة؛ لأنه يجوز

<<  <   >  >>