للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عند طرفيه على الجبلين حيث صنعت له فتحتان في الجانبين، تتسرب منهما المياه في أقنية خاصة تتجه نحو الجنتين. وكان للفتحات أبواب صنعت من عوارض الخشب والحديد، تفتح لدى المباشرة بالسقاية١.

ويظهر أنه بدأ يتصدع فيما بعد ويرمم، وآخر ما كان من ذلك عام ٥٣٩ م في عهد الاحتلال الحبشي، ثم قلت العناية به في أواخر هذا العهد فتهدم.

بالرغم من أن دولة سبأ قد كرست جل عنايتها للزراعة والتجارة والعمران، فإن النصوص التي عثر عليها في أنقاضها، وبخاصة منها ما وقع في يد "غلازر" تشير إلى حروب خاضها مكربوها في أواخر الدور الأول، ضد جيرانهم من الأذواء والأقيال. كان الهدف من هذه الحروب توسيع رقعة الدولة، والقضاء على الإمارات المستقلة المجاورة وصهرها، ولا سيما إسقاط دولة معين وابتلاعها. فهناك مسلة مرمرية، ونص معروف باسم "Glaser ١٠٠٠" وآخر معروف باسم "نص صرواح" وغيرها عليها نقوش كتابية تشير إلى هذه الحروب. مثال ذلك أن المكرب "يثع أمر بيين" قد انتصر على القتبانيين فقتل الآلاف، وهاجم مملكة معين وضم بعض مقاطعاتها. والمكربان "مهأمرم" و"أمرم" هاجما بعض القبائل التي لم تخضع لسبأ، وجرت معها معركة قرب نجران أسفرت عن قتل عشرات آلاف الأعداء واغتنام عشرات الآلاف من رءوس الماشية، وإحراق وتخريب عدد من المدن في نجران أو حوالي يثيل٢.

ويستدل من النقوش أن "كرب آل وتر" كان آخر المكربين وأول الملوك، فمن الرقم ما يحمل اسمه مقرونا بلقب "مكرب"، ومنها ما يقرنه بلقب "ملك" والنقوش -ولا سيما نص "صرواح"- تفصح عن حروبه الكثيرة وانتصاراته المتتالية على جيرانه، وبخاصة معين وأوسان وقتبان التي ذكر أنها كانت حليفة له، ولكن يظهر أنه حاربها أيضا عندما شعر بازدياد قوته وهو يهاجم مملكة "أوسان" -وكانت تقيم في الجنوب الغربي من اليمن، وبلغت من القوة أنها بسطت سيطرتها على منطقة حضرموت وعلى الطرق التجارية المتفرعة عنها- فيحرز انتصارات كثيرة، يقتل ويأسر الآلاف، وينزع المناطق


١ جورجي زيدان: تاريخ العرب قبل الإسلام، ص ١٥٨.
٢ د. جواد علي: ٢/ ١٨٢-١٢٩، ١٣٩.

<<  <   >  >>