ومن أشهر أسواق غربي شبه الجزيرة العربية سوق عكاظ التي عرفت بأهميتها التجارية العظيمة، إلى جانب أهميتها من الناحيتين الاجتماعية والأدبية. ففيها تباع أفخر الملابس وأطيب الخمور وأشهر أنواع الأسلحة، ويرد إليها من اليمن البرود الموشاة وأحسن أنواع الطيوب، ومن الشام الزيوت والزبيب والخمور، ويباع فيها الحرير والأحذية وشتى الأدوات المعدنية ويعرض فيها الرقيق.
وقد يأتي إليها غازٍ بما سلب من أسلحة خصم قتله في غارة، فيرى ذوو المقتول سلاح قتيلهم، فيترصدون بائعه، حتى إذا ظفروا به خارج السوق ثأروا منه لدم قريبهم. وكان من عادة فرسان العرب المبرزين أن يأتوا السوق ملثمين؛ كي لا ينكشف أمرهم، ويتعرف عليهم ذوو الثارات عندهم، فيذهبوا ضحية الثأر.
وسوق عكاظ معرض لكثير من عادات العرب وأحوالهم الاجتماعية، ولحل بعض مشاكلهم السياسية، إذ كان يتم فيها التحكيم بين القبائل المتحاربة، ويتبادل الفرقاء المتخاصمون ديات قتلاهم. ومن كان له إتاوة على قوم نزل على عكاظ فجاءوه بها، ومن أراد إجارة أحد هتف بذلك في السوق، ليعلم عامة الناس بذلك, والقبيلة التي تريد خلع أحد السفهاء من أفرادها، ينادي مناديها بذلك فيها, وإذا أراد أحد أن يلحق آخر بنسبه أعلن ذلك. وفي السوق تعقد معاهدات الصلح والسلام، ويتفق المتخاصمون على دفع الديات. فالسوق كانت بمثابة جريدة من الجرائد الدورية والرسمية، أو بالأحرى وسيلة من وسائل الإعلام العامة.
وإلى جانب كون سوق عكاظ معرضًا من معارض التجارة، وندوة من ندوات