للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[معارف العرب]

صحيح أن العرب كانوا يؤمنون ببعض المعتقدات الخرافية، وكثير منها مقتبس من غيرهم، وما ذلك إلا لعجز عقولهم عن تكوين نظرة شاملة عن الكون واتساق حوادثه، وهذا ناتج عن طبيعة بيئتهم التي لم تهيئ لهم الاستقرار المادي والنفسي؛ ليتمكنوا من التفكير السليم والملاحظة الدقيقة الهادئة، والنظر في حوادث الكون، وربط النتائج بالأسباب، وتعليلها تعليلا منطقيا صحيحا، فآمنوا بوجود الجن والأرواح الخفية، وكونها العلل التي تجلب الأمراض والشرور، غير أنهم مع ذلك قد عرفوا صنوفا من الثقافة, تتناسب مع ما هيأه لهم مجتمعهم البدوي من فرصة النظر في الكون. فما كان منه متعلقا بالعلم والفلسفة، فقد كان مبنيًّا على التجربة القاصرة. ولذلك لا نستطيع أن نقول: إنه كان لديهم علوم، بل معارف اقتضتها ظروف حياتهم اليومية.

فإذا نظروا في السماء ورصدوا النجوم؛ فلكي تهديهم في أسفارهم، ويستدلوا بها على المواقع والمسالك التي يريدون سلوكها. ومع ذلك فقد هداهم نظرهم إلى معرفة مواقع الكواكب، وتنقلها في بروجها بين فصل وآخر من فصول السنة، وميزوا السيارة من الثابتة منها.

وقد ركزوا اهتمامهم على القمر الذي يهتدي به السارون، واستعملوا كالبابليين السنة القمرية والشهر القمري والتقسيم الأسبوعي للشهر. ولكنهم لما أدركوا عدم انطباق السنة القمرية على السنة الشمسية، وتتابع الفصول سنة بعد أخرى، لجئوا إلى ما يسمى بالنسيء -أي إضافة شهر إلى السنة القمرية كل ثلاث سنوات كي توافق السنة الشمسية- وقد أعطوا بعض الكواكب أسماء لا تزال معروفة حتى الآن مثل: عطارد، سهيل، العيوق،

<<  <   >  >>