قامت في بادئ الأمر علاقة طيبة بين الأنباط في عهد الحارث الأول "١٦٩-١٤٦ ق. م" وبين اليهود في فلسطين، كيما يستطيع الطرفان الصمود أمام المطامع التي واجهتهما من قبل الدولتين القويتين المجاورتين: السلوقية والبطلمية. غير أن الحارث الثاني "١١٠-٩٦ ق. م" ما لبث أن وجه لليهود ضربة رادعة عندما حاولوا استغلال هذه العلاقة لنشر اليهودية بين الأنباط؛ تمهيدًا لبسط سيطرتهم عليها. فبادر إلى مساعدة أهل غزة التي كان يحاصرها اليهود، الأمر الذي حمل الملك اليهودي للعودة إلى صداقة الملك النبطي الجديد عبادة الأول "٩٦-٨٧ ق. م" وللتنازل له عن بعض المناطق التي كانت تحت سيطرة اليهود.
وفي عهد الحارث الثالث بلغ الانقسام في الدولة اليهودية حدًّا خطيرًا: الفريسيون من جهة والصدوقيون من جهة ثانية. فاستغل الملك النبطي هذا الانقسام، لا سيما عندما استنجد به الفريسيون وزعيمهم "هركانوس" ضد خصومهم، لقاء وعد بإعطائه ما بقي من منطقة شرق الأردن خارج سلطة الأنباط. فقبل الحارث وهاجم الصدوقيين وهزم زعيمهم "أرسطوبولس" وحاصر القدس التي احتمى بها واستولى على البقاع١.
غير أن دخول الرومان سورية أتاح لخصمه اليهودي أن يستنجد بهم وأن يقدم لهم