وماء السماء هو لقب لأمه ماريا، وقد عاصر من الملوك المجاورين الحارث بن جبلة الغساني، والحارث بن عمرو "ملك كندة" والملك الفارسي "قباذ". ومما يروى أنه بعد أن ناصر الملك الفارسي ضد الروم ساءت العلاقات بينهما، ذلك أنه في عهد قباذ، قام "مزدك" الفارسي بالدعاية لمذهب ديني يقول بشيوعة النساء والمال، فاستهوى القلوب واعتنقه قباذ: وحاول فرضه على المنذر فرفضه، فما كان من قباذ إلا أن أعان عليه الحارث بن عمرو ملك كندة الذي روي أنه اعتنق المزدكية نكاية بالمنذر -وهو قول يكتنفه الشك، وسأناقشه عند الحديث عن دولة كندة- وهاجم الحيرة واحتلها، وجلس على عرشها مكان المنذر الذي التجأ إلى القبائل العربية في الصحراء، إلى أن مات قباذ وتولى بعده ابنه كسرى أنوشروان فأعانه على الرجوع إلى عرشه بعد أن فتك بمزدك ونكل بأتباع المزدكية.
وقد قامت في عهد المنذر حروب طويلة بين المنازرة والغساسنة، أثارتها رغبة الفرس في التنكيل بالبيزنطيين في عهد الإمبراطور "جوستين" الأول، الذي مطل في دفع أتاوة كان الروم البيزنطيون يدفعونها للفرس بناء على بنود صلح عقد بين الطرفين عام ٥٠٦م.
بدأت هذه المعارك سنة ٥١٩ م، وقام المنذر فيها بدور مهم، إذ تمكن من أسر قائدين بيزنطيين إثر هجوم شنه على سورية. ثم تجددت الحرب سنة ٥٢٨-٥٢٩م فتوغل حتى حمص وأفامية وأنطاكية, وحتى الأناضول، وبعد أن أضرم الحرائق في بعض المدن عاد وفي ركابه كثير من الأسرى بينهم ٤٠٠ راهبة، روي أنه قدمهن ضحية للآلهة، أو اصطفاهن لنفسه.
ولما تولى الإمبراطور "جوستنيان" العرش البيزنطي أدرك أنه لا سبيل إلى وقف التحدي الفارسي إلا بدعم الغساسنة، فعين الحارث بن جبلة بن أبي شمر "الملقب بالحارث