ضعفاء لم يستطيعوا السيطرة على الاضطرابات الداخلية التي عمت البلاد طولًا وعرضًا.
ومن الرجوع إلى النصوص القديمة نلاحظ أن أسباب الضعف الاقتصادي الذي أصاب مملكة سبأ يتضافر ويتشابك مع الأسباب الاجتماعية والسياسية ليئول أمر المملكة في النهاية إلى الزوال. ولنتابع التطورات التي حدثت من هذا القبيل:
كان النظام السبئي السياسي في عهد المكربين يقوم على أساس العصبية القبلية لأسرة سبأ ممتزجة مع الدين، فهو نظام يمزج بين السياسة والدين. والمجتمع مكون من مدن وقرى وقبائل لكل منها آلهتها الذي يجمع شملها فهو حاميها، بدليل أن السبئيين كانوا يرفقون اسم الإله بكلمة "شيمم" ومعناها: حامٍ وناصر، أي: إن الإله حامي أتباعه وناصرهم، أو بكلمة "ألم" أي: إله الطائفة، أو بكلمة "صبلم" الطائفة ويعني: الرباط المقدس الذي يجمع شملها. وكان الإله "ألمقة" الذي يرمز إلى القمر، هو الإله القومي لسبأ، مع وجود آلهة أخرى إلى جانبه مثل "ذات حميم" و"ذات بعدن" وهما رمزان للشمس، و"عثتر" الذي يرمز إلى الزهرة١.
غير أننا ومنذ القرن الخامس قبل الميلاد لا نلبث أن نشاهد أن أسرًا جديدة قوية تظهر على مسرح الحوادث، وتنافس الأسرة السبئية "لأسباب اقتصادية وسياسية" وتلعب دورا خطيرا في سياسة اليمن، كما يلمع في سماء نفوذ الدولة الجديدة آلهة جديدة لم يكن لها شأن في الماضي، إنما برزت أهميتها بفضل الأسر الجديدة التي كانت تعبدها، فنقرأ أسماء آلهة مثل "تالب ريام"، "ذو سماوي" -وكانت تخص قبيلة همدان التي لعبت الدور الرئيسي في سياسة هذا العهد- كما نقرأ أسماء آلهة أخرى تخص غيرها من القبائل.
إن ظهور هذه الأسر الجديدة والآلهة الجديدة ليس من قبيل الصدفة، إنما هو دليل على تطور خطير قد حدث في السياسة والاجتماع والدين، وظهور الهمدانيين كمنافسين للقبائل والعشائر التي أقامت عرش سبأ لم يكن من قبيل الاتفاق, ولم يكن من السهل على سبأ أن تقبل بآلهة جديدة تنافس إلهها القومي "ألمقة" لولا أن يكون ثمة عامل قاهر هو عامل القوة الذي زعزع التوازن السياسي في الدولة. والواقع أن دولة المكربين التي بدأت