للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وياقوت الحموي، إذ تحدثوا عن الأمكنة التي كانت توجد فيها كل هذه المعادن بكثرة.

وقد تحدث المؤرخون عن وجود معدن ثمين هو "البقران" الذي يميز منه نوع يقال له: "المثلث" ذلك أن له وجهًا أحمر فوق عرق أبيض فوق عرق أسود، ويكثر وجوده بالقرب من صنعاء١. ولذلك فإن عرب اليمن قد اهتموا باستخراج هذه المعادن، وامتهن كثير منهم صناعة التعدين، وأهم ما كان يخرج من بين أيدي صناعهم السيوف التي أخذت شهرة صناعتها اليمنية تعم الآفاق، فإذا امتدح أحدهم سيفًا قال: إنه "كالسيف اليماني". ولا يضاهي هذه الصناعة شهرة سوى صناعة "البرد اليمنية" التي كانوا يستوردون مادتها الحريرية الخام من الهند وينسجونها في بلادهم.

ومن الصناعات التي اشتهر بها اليمنيون دبغ الجلود وصنع التروس والدروع السميكة منها. كما انفردوا بصناعة جعلوها احتكارًا لهم، لا يشاركهم فيها أحد، هي تحضير البخور واللبان والطيوب بحيث نسجوا حول تدارك موادها الأولية بعض الخرافات؛ كي يوفروا لأنفسهم الحماية من منافسة الأجانب في الحصول عليها، كمثل ما رواه المؤرخ اليوناني "هيرودوت" عن كيفية اجتناء البخور بحرق صمغ يسمى الميعة لتنفير الحيات الطائرة التي تأوي إلى أشجاره، وعن كيفية اجتناء القرفة التي زعموا أنها تنبت في بحيرة قليلة المياه تسرح حولها حيوانات كالخفافيش، تصيح صياحا هائلا وهي شديدة الأذى؛ مما يضطرهم إلى تغطية أبدانهم ووجوهم ما عدا الحدق بجلود الثيران والماعز لاتقاء أذاها، فنقل "هيرودوت" هذه الأوهام وكأنها حقيقة واقعة.

<<  <   >  >>