للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غارات البدو إذ كانوا يجعلون قصورهم على شكل قلاع حصينة شبيهة بقصور نبلاء القرون الوسطى في أوروبا "Chateaux forts".

كانت كل مدينة تحتوي على قصر أو عدة قصور، وعلى معابد فخمة بالإضافة إلى منازل السكان، كما يرى في مدينة مأرب التي كانت مستديرة الشكل قطرها نحو كيلومتر، وحولها سور له ثلاثة أبواب, وفي وسط المدينة آثار هيكل يسميه اليمنيون الآن "هيكل سليمان" وتحتوي أيضا على آثار قصور كثيرة أشهرها قصر سلحين الذي كان مقرًّا للملك، وقد شاهده الهمداني ويسمونه الآن "قصر بلقيس" وعلى مسيرة نصف ساعة من شمال شرقي المدينة أنقاض بناء عظيم يقال له: "حرم بلقيس" وهو أهليلجي الشكل، حوله سور له بابان شمالي وجنوبي، وعليه كتابة تشير إلى أنه كان هيكلًا لعبادة "ألمقة" الإله القومي لسبأ١.

ويشاهد في صنعاء آثار قصر غمدان الذي بناه الملك "اليشرح يحضب" من ملوك الدور الأول الحميري في القرن الأول للميلاد، والذي شاهد الهمداني أطلاله، وقال: إنها عبارة عن تل عظيم كالجبل، ويعد من أفخم قصور اليمن إذ قيل: إنه بني بالبورفير والجرانيت والمرمر، وكانت كل واجهة من واجهاته الأربع مبنية بحجارة يختلف لونها عن ألوان الأوجه الأخرى. ويروى أنه قد جعل عشرين طابقًا بين كل طابق وآخر عشرة أذرع.

ومن أهم قصور اليمن٢: قصر ناعط العظيم، الذي يلي قصر غمدان شهرة. وهو في الحقيقة عبارة عن محفد، مؤلَّف من قصور عديدة تزيد على عشرين قصرا كبيرا، يحيط بها سور مبني بالصخر المنحوت. وأشهرها قصر المملكة الكبير، الذي كان يسمى قصر "يعرق" وليس هناك من قصر إلا وتحته صهريج للماء تجمع فيه مياه الأمطار التي تهطل على سطحه وهو يعتمد على أساطين فخمة، طول الواحدة منها نيف وعشرون ذراعًا ويكاد لا يحضنه رجلًا.


١ جورجي زيدان: تاريخ العرب قبل الإسلام، ص١٤٤.
٢ منها أيضًا قصر تلفم وقصر ريدة وقصر صرواح.

<<  <   >  >>