للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شريك بن عمرو، ولم يأزف الموعد المحدد حتى كان حنظلة قد عاد وأظهر استعداده للموت، فاهتز شعور الملك لهذا الوفاء، فأقلع عن هذا التقليد الذي سار عليه، وقد بلغ به التأثر حدًّا جعله يتنصر.

غير أن هذه القصة في نظر المؤرخين المحدثين إنما هي قصة أسطورية؛ فإذا كان لا بد من قبول فكرة بناء الغرييين، لما لهما من صلة بعبادة الأوثان التي تقضي بذبح القرابين ودهن الأصنام بدمائها، فإنه لا سبيل إلى قبول خبر دفن النديمين وقتل الناس القادمين إلى بلاط الملك في يوم بؤسه؛ لأن هذا أمر لا يقبله العقل والمنطق. إنما وجود هذه القصة في تراث الأخباريين إن هو إلا دليل على تأثر العقلية العربية بالثقافة اليونانية التي وصلت إلى أوج تغلغلها في العصر العباسي، ففي الآداب اليونانية قصة مطابقة لقصة الغرييين تمام المطابقة١. كما لا يستطيع المحدثون قبول فكرة تنصر المنذر إثر حادث فردي كهذا، بل ربما كان تنصره لدافع أقوى هو ما عرف من عمق تغلغل الديانة المسيحية في مجتمع الحيرة وبلاط الملك الذي كان يعج بالمؤمنين في عهده، ويروى أنه وزوجته هند قد اعتنقاها وقد خلفه ابنه:


١ جورحى زيدان: تاريخ العرب قبل الإسلام، ص٢٠٨ "يروي فيها قصة رجل يسمى فنطياس حكم عليه ملك سرقوسة بالإعدام، فاستمهله التنفيذ أيامًا يدبر فيها أمور أهله وكفله رجل، ثم عاد قبل الموعد بيوم واحد".

<<  <   >  >>