للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من مستعمرات الدولة، وقد تكون سكنتها جاليات معينية ثم سبئية. وقد عرفت أيضًا باسم "مدينتا" -وهي كلمة تعني الحمى, أي: المدينة- وعلى رأي المستشرقين أن اليهود المتأثرين بالثقافة الآرامية، أو متهودة بني إرم هم الذين أطلقوا عليها هذا الاسم١. ومما جاء في بعض المصادر العربية أن لها أحد عشر اسمًا في التوراة منها: المدينة وطيبة وطابة والعذراء، وأن في صحيح مسلم حديثا عن الرسول: " إن الله تعالى سمى المدينة طابة " أو في حديث آخر له في الصحيحين: "هي المدينة يثرب" ٢. واسمها يثرب ورد في القرآن الكريم٣, وهو الاسم الذي كانت تعرف به قبل ظهور الإسلام, وقد سماها بعض المؤرخين القدامى "أم قرى المدينة".

أما تاريخ يثرب، فإن الغموض يكتنفه من جميع جوانبه، ولا يستطيع المؤرخ أن يثق بما أورده المؤرخون العرب عن تاريخها فيما قبل القرن الأول الذي سبق ظهور الإسلام، بينما يمكن تتبع أخبارها منذ بداية القرن السادس الميلادي؛ لقرب هذه الفترة من حوادث السيرة النبوية. وأول ما تذكره الروايات القديمة أنها واحة, كان العمالقة أول من سكنوها، ثم تغلبت عليها بعض القبائل اليهودية واستقرت إلى جانبهم.

والمعلومات عن هجرة اليهود إلى يثرب غامضة. وفي الكتب العربية روايات عنها هي أقرب إلى الأساطير والخرافات. تقول بعض الروايات: إن موسى لما أظهره الله على فرعون وطئ الشام وأهلك من بها، وبعث بعثا من اليهود إلى الحجاز وأمرهم بألا يستبقوا من العماليق أحدا بلغ الحلم، فقدموا عليهم فقتلوهم مع ملكهم٤. غير أن هذه القصة لا يعرفها اليهود أنفسهم، كما يقول ابن خلدون، وهي لا تعدو كونها من الأساطير التي اعتاد أخباريو العرب على تلفيقها، وقد رفض الأخذ بها المؤرخ الإسرائيلي الحديث "إسرائيل ولفنسون".


١ أحمد إبراهيم الشريف: المصدر نفسه، ص٢٩٠.
٢ الشيخ محمد بن محمود النجار: الدرة الثمينة في تاريخ المدينة، ص٣٢٣.
٣ الآية "١٣" من سورة الأحزاب: {يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُم} .
٤ الشيخ محمد بن محمود النجار: الدرة الثمينة في تاريخ المدينة، ص٣٢٣، ياقوت الحموي مادة يثرب.

<<  <   >  >>