للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذ حرم على أي كان أن يصطاد في أرضه ويقول: "وحش أرض كذا في جواري فلا يصاد".

كما حرم أن ترد إبل مع إبله، أو أن توقد نار مع ناره، أو أن يمر أحد بين بيوته، وألا يقوم أحد بغارة إلا بإذنه. فكان سبب الحرب إذن اقتصاديا، بالإضافة إلى غطرسة كليب وغروره.

وكان كليب متزوجًا من امرأة من بكر اسمها "جليلة بنت مرة" أخت جساس بن مرة من شيبان. وصدف أن رجلا نزل ضيفا على البسوس خالة جساس، وكان للضيف ناقة ترعى مع نوق جساس في حمى كليب، فأنكرها كليب، وحذر جساسًا من أن عودة هذه الناقة إلى حماه سيدعوه إلى قتلها، فلم يكن من جساس إلا أن هدده بالقتل إن فعل ذلك.

ولما رأى كليب ناقة الضيف ترعى بعدئذ في حماه مع نوق جساس، رماها بسهم أنفذه إلى ضرعها، فصاح صاحبها لما علم بذلك "يا للذل" وصرخت البسوس على صراخه "وا ذلاه" فأسكتها جساس قائلا بأنه سيقتل بالناقة جملًا أعظم منها، يعني بذلك صهره كليبا، وفعلا نفذ وعيده، فاغتنم غفلة من كليب، وطعنه برمح في ظهره فقتله. وهذه رواية يقول بها كل من ابن الأثير وصاحب الأغاني١.

غير أن صاحب الأغاني، يضيف إلى ذلك رواية أخرى تقول: إن ليس جساس هو الذي رمى كليبًا، بل كان في صحبته ابن عمه المزدلف عمرو بن أبي ربيعة، وأن عمرًا هذا هو الذي طعن كليبًا وحطم صلبه، ويمضي في رواية مقتل كليب قائلا: إن قتله كان لشدة طغيانه على بكر قبيلة جساس، إذ منعها من ارتياد الماء: "فمرت بكر بن وائل على نِهْيٍ "غدير" يقال له "شُبَيْث" فنفاهم كليب عنه، وقال: لا يذوقون منه قطرة، ثم مروا على نهي آخر يقال له "الأحص" فنفاهم عنه وقال: لا يذوقون منه قطرة، ثم مروا على بطن الجريب "وادٍ عظيم في نجد" فمنعهم إياه، فمضوا حتى نزلوا "الذنائب" "موضع بنجد" واتبعهم كليب وحيه حتى نزلوا عليه، ثم مر عليه جساس وهو واقف


١ ابن الأثير: ١/ ٣١٢؛ الأغاني: ٥/ ١٦٨٠.

<<  <   >  >>