لأنفسهم وكنت قد أخذت بالحزم، وإن ظفروا ردوه عليك، ففعل بما أشار عليه وقسم الأسلحة في ذوي الجلد والبأس من قومه.
ولما رأى حنظلة بادرة وهن من هانئ، الذي أمر جماعته بأن تركب الفلاة، إذ لا طاقة لهم بجنود كسرى، وثب وقال لهانئ:"إنما أردت نجاتنا فلم تزد على أن ألقيتنا في الهلكة" ثم رد الناس وقطع وضن الهوادج "أحزمة الإبل"؛ لئلا يتمكن المتخاذلون من حمل نسائهم عليها إذا هربوا، فسمي "مقطع الوضن" ونصب خيمة في بطحاء ذي قار وجلس عندها وقال: أما أنا فلن أفر حتى تفر هذه الخيمة.
وبدأ الاستعداد للحرب، وكان عدد من اشترك من العرب مع الفرس ثلاثة آلاف من بني تغلب أعداء بكر، ومن بني إياد وبني نمر وبني قضاعة بالإضافة إلى ألفين من الأساورة على كل ألف منهما قائد، والقائدان هما "الهامرز وجلابزين" كما اشتركت في المعركة كتيبتا الشهباء والدوسر التابعتان لمملكة الحيرة، فبلغ عدد الجيش الفارسي حوالي سبعة إلى ثمانية آلاف محارب.
أما المقاتلون العرب فكانوا أقل عددًا، وفيهم بنو شيبان وبنو بكر بن وائل وبنو عجل وبعض الحلفاء من سكون، بالإضافة إلى مائتي أسير من بني تميم أبدوا رغبتهم في القتال بإصرار وعناد، وقد استقى العرب ماءً لنصف شهر، وكان بنو إياد في الجانب الفارسي قد أرسلوا إلى بني بكر وأعلموهم بأنهم سيخذلون الفرس في أثناء المعركة، وأشار يزيد بن حمار السكوني، وكان حليفا لشيبان، بأن يكمنوا للفرس كمينا، فوضعوا يزيد على رأس الكمين، ومعه جمع من قومه.
وقد رتب حنظلة خطة القتال على أساس أن يخرج الكمين من وراء الفرس، عندما يكون القتال قد استعر بين الفريقين، ويكون خروج الكمين إشارة لبني إياد كي ينفصلوا عن الفرس ويغادروا صفوفهم.
لما بدأت المعركة مال الفرس إلى الجبابات خوفًا من العطش، فتعقبتهم بكر وعجل وظلتا تقاتلانهم، حتى رجعوا إلى بطحاء ذي قار, والعطش قد أضناهم، ثم قتل "الهامرز" في مبارزة مع فارس عربي، فخرج الكمين من جب ذي قار، وهاجم الجيش الفارسي من الخلف، ونفذ بنو إياد عزمهم فخذلوا الفرس، وكان مقدرا على هؤلاء أن