للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مؤرخو العرب إلى أن آخر انفجار بركاني قد وقع سنة ٦٥٤هـ/ ١٢٥٦م في الحجاز قريبًا من المدينة المنورة؛ فهددها بالدمار واستمر عدة أسابيع.

وتكثر هذه الحرار في الأقسام الوسطى ولا سيما الغربية والجنوبية من شبه الجزيرة. ففي الحجاز تقع فيما يلي جبال السراة نحو الشرق، وهي تمتد شمالا حتى تتصل بالحرار التي نشاهدها في منطقة حوران وجبل العرب "الصفاة واللجاة". وفي اليمن تقع بالقرب من المدن التاريخية القديمة كحرة أرحب شمال صنعاء، وكبعض الحرار بالقرب من ذمار وشمال وادي أبرد وقرب صرواح ومأرب. ويعتقد بعض العلماء أن خراب بعض المدن القديمة كمأرب وشبوة كان بتأثير هياج البراكين, ولعل عدد الحرار في شبه الجزيرة يقارب الثلاثين ذكرها ياقوت الحموي بأسمائها وأوصافها ومواقعها١. وبعض هذه الحرار -بما كان ينشر من صيحات مرعبة وسحب دخان قاتمة وكتل نيران متأججة- قد ترك صداه في الشعر الجاهلي مثل: حرة قوس وحرة لبن٢.

ومن الحرار في شمالي شبه الجزيرة حرة "العويرض" شمال مدائن صالح، وحرة "خيبر" وهي أعظم وأوسع حرات شبه الجزيرة وتقع إلى الشمال من المدينة المنورة، وحرة "الكسب" وتقع في جنوبها، وتوجد فيها منطقة تسمى "مهد الذهب" لما يحتوي باطنها من هذا المعدن. وحول المدينة المنورة نفسها حرة اقترن اسمها بحادثة تاريخية شهيرة "موقعة الحرة" بين جند يزيد بن معاوية وأهل المدينة الثائرين عليه، وحرة بني هلال "ابن عامر بن صعصعة" على طريق اليمن.

ومن الملاحظ أن التربة المتفتتة لهذه الحرار خصبة صالحة للزراعة، ولا سيما بسبب وجود العيون والأودية التي تختزن في جوفها طبقة مائية قريبة من سطح الأرض. وقد استغلها العرب استغلالا جيدا قبل الإسلام وبعده, وبخاصة منها حرة خيبر التي كثرت


١ راجع مادة حرة في معجم البلدان.
٢ كقول الشاعر:
بحرة قوس وجنبي محفل ... بين ذراه كالحريق المشعل
أو كقول شاعر آخر:
بحرة لبن يبرق جانباها ... ركود ما تهد من الصياح
راجع جواد علي: المصدر نفسه، ٩١-٩٢.

<<  <   >  >>