ومما تجدر الإشارة إليه، أن العرب لم يكونوا يزوجون بناتهم في غير العرب، وأن الفتيات البدويات لم يكنَّ يحببن الزواج في الحضر، وأن المرأة المرغوب فيها هي الولود التي تنجب كثيرًا من البنين؛ لأنهم عماد الأسرة العربية، التي اعتادت أن تعيش في حراسة السواعد المفتولة والرماح السمهرية.
كان العربي يغار على نسائه، ويحرص عليهن، ويعتبر العرض أغلى من النفس والمال والولد١؛ ولذلك كان الرجال يصطحبون نساءهم في الغزوات والحروب، ويجعلونهن في مؤخرة الجيش، خوفًا من مباغتة العدو لهن في مضارب القبيلة والرجال غائبون، وكي يدرك المحارب أن هزيمته ستجعل عرضه مباحًا لأعدائه، فيستميت في القتال ليجنب نساءه السبي. وفضلا عن ذلك، فإن النساء في المؤخرة كنَّ يعنين بالمرضى، ويضمدن جراح المصابين، كما يشجعن المحاربين، ويأخذن بتلابيب الفارين من ساحة القتال. ففي موقعة ذي قار وقفت امرأة من بني عجل، تنشد مستحثة الرجال على الجلاد:
إن تهزموا نعانق ... ونفرش النمارق
أو تُهزَموا نفارق ... فراق غير وامق
١ المعتقد أن الجاهليين كانوا يعاقبون الزانية بالرجم، فجاء الإسلام وأقر ذلك.