للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكقول قيس بن الملوح "مجنون ليلى" في الصدى:

ولو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا ... ومن دوننا مس من الأرض أنكب

لظل صدى رمسي وإن كنت رَمَّة ... لصوت صدى ليلى يَهشُّ ويطرب١

وللأرواح في اعتقاد الجاهليين قدرة على الظهور للإنسان بأشكال مختلفة؛ ولذا فإنهم قدسوها بل عبدوها. وقد اعتقدوا أنها تحل في بعض الحيوانات، فنشأت عندهم فكرة التشاؤم والتفاؤل والخوف من بعض الحيوانات، كالغراب والبومة والغول والحيات والعقارب؛ لزعمهم بأنها حيوانات لها أثر في حياة الإنسان، تجلب له الخير أو الشر. قال النابغة الذبياني:

زعم البوارح أن رحلتنا غدًا ... وبذاك خبرنا الغراب الأسود

والبوارح مفردها: بارح، وهو الطائر يمر من يسار الشخص إلى يمينه، وكان ذلك دليل الشؤم عندهم، وضده السنيح والسانح وهو الذي يمر من اليمين إلى الشمال، وهو دليل اليمن، غير أن هذا الاعتقاد وجد من أنكره من الجاهليين، قال عوف بن عطية بن الخرع:

نؤم البلاد لحب اللقاء ... لا نتقي طائرًا حيث طارا

سنيحًا ولا جاريًا بارحًا ... على كل حال نلاقي اليسارا٢


١ الألوسي: ٢/ ٣١٢-٣١٣.
٢ عمر فروخ: تاريخ الفكر العربي، ص١٦٥: وكان من تقاليد العرب أن ينفروا الطيور لمعرفة طالعهم من اتجاهها يمينًا أو شمالًا وهو ما يسمونه بـ"الزجر".

<<  <   >  >>