تكلم هاهنا فى الإسناد الدائر بين المبتدأ والخبر، مثل (أنت طالق). (قلت) هما نسبتان فليتأمل، إحداهما دائرة بين المبتدأ والخبر، والأخرى نسبة معنوية مدلول عليها بقوله - مثلا -: (طالق)، وحمل طالق على أنت غير مدلول طالق؛ فإن قلت: فقد ذكر فى أحوال الإسناد الخبرى الإنشاء؛ كقوله تعالى حكاية عن فرعون يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً (١) وكذلك السكاكى، قلت: على سبيل الاستطراد وليس مقصودا له.
قوله:(وأحوال المسند إليه) إنما لم يقيد المسند إليه، ولا المسند بكونه خبريا؛ لأن أحوال كل منهما فى الإنشاء
كأحوالهما فى الخبر غالبا، بخلاف الإسناد نفسه، فإن أحواله إذا كان خبريا تغلب فيها المخالفة لأحواله إذا كان إنشائيا.
ثم ليعلم أن المراد بأحوال المسند إليه وأحوال المسند أحوالهما من حيث كونهما مسندا إليه ومسندا وإلا فكل ما سيأتى من علم البيان - من استعارة وكناية وغيرهما - من أحوال المسند إليه والمسند ولكنها ليست من أحواله، من حيث كونهما كذلك، وإنما كرر لفظ الأحوال فى الثلاثة؛ لأنه لو قال: والمسند إليه فإما أن يكون من غير تقدير (أحوال) مضافة محذوفة، أو لا؛ فإن كان من غير تقديرها لزم أن يكون الباب فى نفس المسند إليه لا فى أحواله، وذلك وظيفة النحوى، ثم لو أراد ذلك لقال الإسناد ولم يقل أحوال الإسناد، وإن كان مع تقدير المضاف المحذوف أوهم العطف على الإسناد، ولا يصح؛ لأنه يلزم أن تكون أحوال الإسناد والمسند إليه واحدة.
وقوله: القصر هو وما بعده معطوف على أحوال فى رفعه أو جره ولا يصح عطفه بالجر على إسناد، ولا على متعلقات، ولا على الفعل؛ لأن المصنف عند ذكره يقول:
القصر ويقول: الإنشاء ولا يقول: أحوال القصر، كما سيفعل فى أحوال الإسناد. ويدل عليه أيضا ذكره الأحوال فى الثلاثة دون ما بعدها، ولو أراد هذا لكررها فى الجميع، أو تركها فى غير الأول، وأيضا القصر نفسه حال من أحوال اللفظ، فلم يحتج أن يقول حال القصر وكذلك ما بعده.
وقوله:(وأحوال متعلقات الفعل) هى بكسر اللام؛ لأن المفعول متعلق بالفعل لا متعلقه، وهذا من جهة اللفظ والتركيب، أما من جهة التعلق فالفعل متعلق بمفعوله،