للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم الخبر قد يقع موقع الإنشاء: إمّا للتفاؤل، أو لإظهار الحرص فى وقوعه، كما مر، والدعاء بصيغة الماضى من البليغ - كقوله: رحمه الله تعالى - يحتملهما، أو للاحتراز عن صورة الأمر، أو لحمل المخاطب على المطلوب بأن يكون ممّن لا يحبّ أن يكذّب الطالب (١).

ــ

طلب كالتمنى، وما قيل من أنه قد يكون" لعل" إشفاقا لتوقع محذور كقوله تعالى: لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (٢) إن سلم لا يقضى على غيره مما فيه طلب، ولا يقال: استغنى بذكر التمنى عن ذكر الترجى؛ لأنهما بابان مختلفان، ولأنه قال فى التمنى: إنه قد يتمنى:

بلعل، فيعطى حكم ليت. وتقع" لعل" للتقليل عند السكاكى والأخفش، وللاستفهام عند الكوفيين كما سبق، وللشك عند الفراء والطوال. قال التنوخى فى الأقصى القريب: وقد تجئ" لعل" للإشفاق والتقليل والاستفهام مع بقاء معنى الترجى، وأما القسم فهو إنشاء إجماعا، كما نقله القرافى أيضا، قيل: وإنما لم يذكره لكونه ليس طلبا؛ لأنه لتأكيد الخبر مثل: والله لأفعلن، أو الطلب على سبيل الاستعطاف مثل: بحياتك أخبرنى. وفيه نظر؛ لأن تأكيد الطلب طلب، ولا ينحصر ذلك فى الاستعطاف، فإنك تقول: بالله اضرب زيدا.

وأما التحضيض فهو إنشاء فذكره المصنف فى باب التمنى، وجعله قسما منه. وأما العرض فهو إنشاء، وقد جعله مولدا عن الاستفهام، ويرد عليه أنه كان ينبغى أن يجعل العرض قسما من الاستفهام، كما جعل التحضيض قسما

من التمنى، أو يجعلهما قسمين برأسهما؛ لأن حرف الاستفهام فى كل منهما؛ لأن فى كل منهما أداة استفهام اتصل بها" لا" بل أولى لأن" هلا" استعملت فيها" هل" للتمنى، ثم زيد عليها" لا" فاستمر فيها عنده معناها المجازى من التمنى، وأما: ألا تنزل عندنا، فإن الهمزة لم تنتقل عن الاستفهام قبل العرض لغيره.

[الخبر يقع موقع الإنشاء]

ص: (ثم الخبر قد يقع موقع الإنشاء ... إلخ).

(ش): يعنى أن الخبر، أى: صيغته وهى ما ليست من صيغ الإنشاء قد تستعمل ويراد بها الإنشاء، وذلك إما للتفاؤل نحو: غفر الله لك، فإنه أبلغ من" رب اغفر له"


(١) أى ينسب إلى الكذب كقولك لصاحبك الذى لا يحب تكذيبك:" تأتينى غدا؟ " مقام ائتنى.
(٢) سورة الشورى: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>